تطور تغطية الإيرادات غير النفطية من المصروفات في الميزانية السعودية (2015 – الربع الثالث 2024)

تطور تغطية الإيرادات غير النفطية من المصروفات في الميزانية السعودية (2015 – الربع الثالث 2024)

تطور تغطية الإيرادات غير النفطية من المصروفات في الميزانية السعودية (2015 – الربع الثالث 2024)

شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحوّلات جذرية في هيكلة اقتصادها، خاصة مع تبني "رؤية السعودية 2030" التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. هذا التحول تَجسّد بشكل ملحوظ في زيادة نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية للمصروفات في الميزانية العامة، مما يعكس التقدم الذي أحرزته المملكة في تعزيز تنويع مصادر دخلها الوطني.

نظرة على البيانات الإحصائية (2015 - 2024)

تُظهر البيانات المستخلصة من الصورة المقدمة أن نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية للمصروفات في السعودية قد شهدت نموًا مستمرًا خلال الفترة الممتدة من 2015 حتى الربع الثالث من عام 2024. وفيما يلي تحليل تفصيلي لهذا التطور:

  1. الفترة 2015-2017:
    • في عام 2015، بلغت نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية للمصروفات 21%. كان هذا المستوى يُظهر اعتمادًا كبيرًا على الإيرادات النفطية.
    • في 2016، تحسنت النسبة إلى 26.7%، ويعزى ذلك إلى بداية تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحسين الإيرادات غير النفطية.
    • شهد عام 2017 قفزة كبيرة، حيث وصلت النسبة إلى 35.4%. هذا التحسن جاء نتيجة فرض الضرائب وزيادة الرسوم على بعض الخدمات، مما ساعد في رفع إيرادات الدولة غير النفطية【8†source】【9†source】.
  2. الفترة 2018-2020:
    • في 2018، سجلت النسبة تراجعًا طفيفًا إلى 33%، إلا أنها ارتفعت مجددًا في 2019 لتصل إلى 37.4%.
    • في عام 2020، وهو العام الذي واجهت فيه المملكة والعالم تحديات اقتصادية بسبب جائحة كورونا، استطاعت السعودية تحقيق نسبة تغطية بلغت 40.1% بفضل سياسات الترشيد الاقتصادي وزيادة الإيرادات غير النفطية مثل الضرائب وضبط الإنفاق【8†source】.
  3. الفترة 2021-2024:
    • استمرت الزيادة في السنوات الأخيرة، حيث وصلت النسبة إلى 43.8% في 2021، مما يعكس استمرارية تنفيذ إصلاحات اقتصادية تركز على تطوير القطاعات غير النفطية، مثل الصناعة والسياحة والخدمات اللوجستية.
    • خلال عام 2022، وعلى الرغم من تقلبات أسواق الطاقة، حافظت المملكة على نسبة 40.3%.
    • في 2023، عادت النسبة إلى 35.5%، ربما نتيجة زيادة الإنفاق الرأسمالي لتعزيز المشاريع الكبرى التي تتماشى مع رؤية 2030.
    • حتى الربع الثالث من عام 2024، بلغت نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية 36.6%، مما يشير إلى استمرار الاستفادة من المبادرات الحكومية لتعزيز التنوع الاقتصادي【9†source】.

العوامل المؤثرة في ارتفاع الإيرادات غير النفطية

إنّ التقدم الملحوظ في نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية يعود إلى عدة عوامل أساسية:

  1. تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية: منذ إطلاق "رؤية 2030"، تبنت السعودية العديد من الإصلاحات، مثل فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15%، وزيادة رسوم الخدمات الحكومية. هذه الإجراءات أسهمت في رفع نسبة الإيرادات غير النفطية إلى مستويات غير مسبوقة【8†source】.
  2. تعزيز قطاع السياحة: مع تطوير مشاريع ضخمة مثل "نيوم" و"البحر الأحمر"، وتسهيل إجراءات التأشيرات السياحية، استطاعت السعودية جذب عدد كبير من السياح، مما أسهم في زيادة الإيرادات من القطاعات غير النفطية.
  3. الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الجديدة: تحفيز الاستثمارات في مجالات مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والصناعة أدى إلى تحسين مساهمة هذه القطاعات في الاقتصاد.

التحديات المستقبلية والفرص المتاحة

على الرغم من التحسن الكبير في نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية، لا تزال المملكة تواجه تحديات لتحقيق مزيد من التنويع الاقتصادي، خاصة في ظل التقلبات في أسواق النفط العالمية. ومن أجل تحقيق أهداف رؤية 2030 بشكل مستدام، يتعين على المملكة الاستمرار في تعزيز البنية التحتية للاقتصاد غير النفطي، ودعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

إضافةً إلى ذلك، يجب التركيز على تعزيز الاستثمارات في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة، لتقليل الاعتماد على النفط في المستقبل. هذه الاستثمارات قد تكون المفتاح لتحقيق توازن مالي أكبر، وجعل الاقتصاد السعودي أكثر مرونة واستدامة.