
تطور الإيرادات غير النفطية في الميزانية السعودية (2010-2023)

شهدت المملكة العربية السعودية تطوراً كبيراً في إيراداتها غير النفطية خلال الفترة من 2010 إلى 2023، وهو ما يعكس التحولات الاقتصادية التي شهدتها المملكة ضمن إطار "رؤية السعودية 2030"، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وتبين البيانات أن الإيرادات غير النفطية بدأت تحقق معدلات نمو متزايدة بشكل ملحوظ، خاصة في الأعوام الأخيرة، مما يعكس نجاح جهود المملكة في تنويع اقتصادها.
اعتمد الاقتصاد السعودي لعقود طويلة على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. وفي عام 2010، كانت الإيرادات غير النفطية تشكل نسبة صغيرة من إجمالي الإيرادات الحكومية. ففي ذلك العام، كانت النسبة 10% فقط من إجمالي الإيرادات، في حين كانت الإيرادات النفطية تمثل 90%. ولكن هذا الوضع بدأ في التغير تدريجيًا مع الجهود المتواصلة لتعزيز الإيرادات غير النفطية.
- الفترة 2010-2014: تذبذب الإسهام غير النفطي
- 2010: كانت الإيرادات غير النفطية عند 10%، وهو ما يشير إلى التركيز الكبير على النفط.
- 2011: لم يتغير الوضع بشكل كبير حيث بقيت النسبة عند 10%.
- 2012-2013: خلال هذه الفترة، كانت النسبة 8% و7% على التوالي، مما يعكس تراجعًا طفيفًا.
- 2014: شهدت السنة بداية تحول، إذ قفزت الإيرادات غير النفطية إلى 12%. يعكس هذا النمو بداية التحركات نحو تعزيز دور القطاعات غير النفطية في الاقتصاد.
- الفترة 2015-2019: بداية الانطلاقة
- 2015: كانت هذه السنة فارقة حيث ارتفعت نسبة الإيرادات غير النفطية إلى 27%، ما يمثل قفزة كبيرة ويظهر أن التوجه نحو تنويع الاقتصاد بدأ يؤتي ثماره.
- 2016: مع استمرار هذه السياسات، ارتفعت النسبة إلى 36%.
- 2017-2019: شهدت هذه الفترة استقرارًا في الإيرادات غير النفطية بنسب تراوحت بين 33% إلى 37%. هذا الاستقرار يعكس التزام الحكومة بسياسات التنويع الاقتصادي.
- الفترة 2020-2023: نتائج رؤية السعودية 2030
- 2020: رغم تحديات جائحة كورونا التي أثرت على الاقتصاد العالمي، إلا أن الإيرادات غير النفطية بلغت 47%. يعد هذا التحول نتيجة مباشرة للإصلاحات الهيكلية التي تم تطبيقها في المملكة.
- 2021: ارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى 42%، مما يشير إلى استمرار التقدم، رغم التأثيرات المستمرة للجائحة.
- 2022-2023: بلغت الإيرادات غير النفطية 32% و38% على التوالي. ورغم التذبذب في هذه السنوات، إلا أن التوجه العام يظهر نمواً ملحوظاً مقارنةً ببداية العقد الماضي.
تفسير الأرقام
الارتفاع التدريجي في الإيرادات غير النفطية:
من خلال التحليل، نجد أن هناك توجهًا تصاعديًا واضحًا في مساهمة الإيرادات غير النفطية على مدار السنوات. في عام 2010، كانت الإيرادات غير النفطية لا تشكل سوى 10%، بينما قفزت في عام 2023 إلى 38%. وهذا النمو يعكس الجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة لزيادة دور القطاعات غير النفطية مثل الصناعة، الزراعة، السياحة، والتكنولوجيا.
العوامل الرئيسية وراء هذا النمو:
- رؤية السعودية 2030: وضعت هذه الرؤية أهدافًا واضحة لزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد. ومن خلال إصلاحات هيكلية وبرامج تمويلية وتحفيز للاستثمار في قطاعات جديدة، استطاعت المملكة تقليل اعتمادها على النفط.
- إصلاحات قطاع الضرائب: كان لتطبيق ضريبة القيمة المضافة والإصلاحات الجمركية دور مهم في زيادة الإيرادات غير النفطية.
- تحفيز القطاع الخاص: عملت الحكومة على دعم القطاع الخاص من خلال تسهيلات استثمارية، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الابتكار.
الآفاق المستقبلية:
بالنظر إلى التوجه الحالي، من المتوقع أن تستمر الإيرادات غير النفطية في النمو خلال السنوات المقبلة. المملكة تستثمر بكثافة في قطاعات مثل السياحة، الترفيه، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، وكلها قطاعات تساهم في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.
- السياحة: مع مشاريع ضخمة مثل "نيوم" و"البحر الأحمر"، تتطلع السعودية إلى أن تصبح وجهة سياحية عالمية. يُتوقع أن تلعب السياحة دورًا محوريًا في زيادة الإيرادات غير النفطية.
- الطاقة المتجددة: إلى جانب النفط، تستثمر المملكة في الطاقة الشمسية والنووية لتصبح رائدة في مجال الطاقة المستدامة.
- التكنولوجيا: النمو في قطاع التكنولوجيا والابتكار يتوقع أن يوفر فرص عمل ويسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي.