تحليل لأكثر مصادر المياه العذبة حول العالم في 2025

لطالما كان الماء العذب هو المحرك الأساسي للحضارة البشرية والعمود الفقري للأمن الغذائي العالمي. وعلى الرغم من أن كوكب الأرض مغطى بالمياه بنسبة تزيد عن 70%، إلا أن 97.5% من هذه المياه مالحة. أما نسبة الـ 2.5% المتبقية كمياه عذبة، فمعظمها محجوز في أماكن يصعب الوصول إليها، مما يجعل الموارد المتاحة للاستخدام البشري المباشر نادرة بشكل مقلق.

في عام 2025، ومع تزايد الضغط السكاني وارتفاع وتيرة التغيرات المناخية، يكتسب تحديد وتحليل مصادر المياه العذبة أهمية قصوى. وتشير تقارير الأمم المتحدة، لا سيما "التقرير العالمي لتنمية المياه لعام 2025"، إلى أن الجبال والأنهار الجليدية، التي يطلق عليها "أبراج المياه العالمية"، تواجه تهديدات وجودية غير مسبوقة، مما ينذر بتفاقم أزمة ندرة المياه التي يتوقع أن يواجهها نحو 1.8 مليار شخص بحلول هذا العام.

يهدف هذا المقال إلى استعراض التوزيع الهيكلي للمياه العذبة على الكوكب، مع تسليط الضوء على أهم المصادر الجوفية والسطحية التي يعتمد عليها الاستهلاك البشري الحالي في ظل التحديات البيئية واللوجستية المتصاعدة.

• اقرأ ايضا: إحصائيات أكثر شوارع العالم ضجيجاً وتأثيراً في 2025

أولاً: الثلج المتجمد والعمق السري (الاحتياطي الهيكلي)

تتوزع المياه العذبة الهيكلية على الكوكب بطريقة لا تتناسب مع سهولة الوصول إليها، حيث تُشكل المصادر غير المتاحة بسهولة النسبة الأكبر:

• الأنهار الجليدية والقلنسوات الجليدية (Icecaps and Glaciers): تُعد الأنهار والقلنسوات الجليدية، التي تقع في المناطق القطبية وعلى قمم الجبال، أكبر خزان للمياه العذبة على الإطلاق. فحوالي 68.7% من إجمالي المياه العذبة في العالم محجوزة في هذه الكتل المتجمدة. ومع ذلك، فإن ذوبانها المتسارع بسبب الاحترار العالمي يهدد هذه الاحتياطيات على المدى الطويل ويجعل دورة المياه أكثر تقلباً.
• المياه الجوفية (Groundwater): تشكل المياه الجوفية، المخزنة تحت سطح الأرض في طبقات صخرية مسامية تسمى "الخزانات الجوفية"، ثاني أكبر مصدر للمياه العذبة على الكوكب. حوالي 30.1% من المياه العذبة الكلية هي مياه جوفية. وهي مصدر حيوي وموثوق به، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وتساهم بشكل كبير في ري الأراضي الزراعية حول العالم وتوفير مياه الشرب.
• أهمية الأنهار الجليدية المتزايدة (بوابة 2025): يؤكد تقرير الأمم المتحدة للمياه لعام 2025 أن الجبال والأنهار الجليدية توفر 60% من التدفقات السنوية للمياه العذبة في العالم، ويعتمد عليها بشكل مباشر حوالي ملياري شخص. هذا التركيز يأتي في سياق عام 2025 الذي تم اعتماده كـ "السنة الدولية للحفاظ على الأنهار الجليدية".

ثانياً: المصادر السطحية المتاحة (شريان الحياة اليومي)

رغم أن المصادر المتجمدة والجوفية تشكل الغالبية العظمى من احتياطي المياه العذبة، فإن المصادر السطحية هي التي يعتمد عليها البشر في حياتهم اليومية بشكل مباشر:

البحيرات (Lakes):

هي أكبر خزان للمياه العذبة السائلة على السطح، حيث تحتوي على حوالي 87% من إجمالي المياه العذبة السطحية (غير المتجمدة). وتُعد بحيرات مثل بحيرة بايكال في روسيا والبحيرات العظمى في أمريكا الشمالية من أهم تجمعات المياه العذبة غير المجمدة.

الأنهار (Rivers):

على الرغم من أن الأنهار تشكل نسبة ضئيلة جداً من المياه العذبة السطحية الكلية (0.49%)، إلا أنها تُعد أهم مصدر للمياه التي يستخدمها البشر بشكل يومي لـ الشرب والري والصناعة. وتُظهر البيانات أن أحواض الأنهار مثل الأمازون والكونغو تستمر في توفير أكبر تدفق للمياه العذبة المتجددة في العالم.

المستنقعات والرطوبة الأرضية:

تشكل المستنقعات والرطوبة الموجودة في التربة كميات صغيرة ولكنها حيوية لدعم النظم البيئية والزراعة، وتلعب دوراً هاماً في دورة المياه.

ثالثاً: توزيع الاحتياطيات المتجددة والتحدي العالمي

تعتبر الموارد المائية العذبة المتجددة (كالتي تتجدد سنوياً من الأمطار والتدفقات النهرية) هي المقياس الحقيقي لإمكانات الدول المائية، والتي تتوزع بتباين شديد حول العالم:

• سيطرة الدول العملاقة: تُظهر الإحصائيات أن حفنة من الدول تسيطر على نصيب الأسد من إجمالي الموارد المائية العذبة المتجددة على مستوى العالم. تتصدر البرازيل القائمة، تليها روسيا، وكندا، والولايات المتحدة، والصين، حيث تمتلك هذه الدول الخمس معاً حوالي 35% من إجمالي الموارد العذبة المتجددة.
• الاستخدام المفرط في الزراعة: عالمياً، لا يزال القطاع الزراعي هو أكبر مستهلك للمياه العذبة، حيث يستحوذ على حوالي 70% من إجمالي سحب المياه. يليه القطاع الصناعي بنسبة 20%، والاستخدام المنزلي بنسبة 12%، مما يؤكد أن الإدارة الفعالة للزراعة هي مفتاح الأمن المائي في 2025.
• مناطق الإجهاد المائي الحرج: في المقابل، تواجه مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا إجهاداً مائياً شديداً، حيث تستخدم بعض الدول أكثر من 80% من إمداداتها المائية المتجددة سنوياً، مما يدفعها للاعتماد بشكل متزايد على تقنيات مكلفة مثل تحلية المياه، كما هو الحال في قطر والإمارات.

مرحلة انحسار الأبراج المائية

تؤكد هذه الأرقام أن المصادر الرئيسية للمياه العذبة، من الجبال الجليدية إلى الخزانات الجوفية، تواجه تحديات متزايدة. إن الحاجة إلى إدارة مستدامة لهذه الموارد، خاصة في المناطق التي تعتمد على ذوبان الأنهار الجليدية، لم تعد خياراً بل ضرورة حتمية لحماية مليارات البشر.

دور الكفاءة الزراعية في الحل

نظراً لهيمنة القطاع الزراعي على الاستهلاك المائي العالمي (70%)، فإن أي تحسن في كفاءة الري واستخدام تقنيات الزراعة الذكية يمكن أن يكون له تأثير تحويلي على الأمن المائي العالمي، مما يقلل الضغط على المصادر السطحية والجوفية.

صورة المياه العذبة المتغيرة

إن التحولات المناخية تغير خريطة توزيع وتوافر المياه العذبة، وتهدد بتقليل القدرة على التنبؤ بإمداداتها. إن استدامة حياة مليارات البشر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجهود الحفاظ على الأنهار الجليدية وإدارة المياه الجوفية بمسؤولية فائقة.

جدول ملخص لأكبر مصادر وتوزيع المياه العذبة عالمياً (2025)

المصادر

1. United Nations World Water Development Report 2025 (WWDR 2025): Mountains and Glaciers - Water Towers (Source for 60% flow/2 billion people).
   • الرابط:https://www.unwater.org/publications/un-world-water-development-report-2025
2. US Geological Survey (USGS): Distribution of Water on Earth (Source for 68.7% glaciers, 30.1% groundwater, 0.49% rivers percentages).
   • الرابط:https://www.usgs.gov/media/images/distribution-water-and-above-earth
3. GreenMatch / WRI: Global Water Access and Quality 2025 (Source for 1.8 billion scarcity, 70% agriculture use).
   • الرابط:https://www.greenmatch.co.uk/blog/global-water-access-and-quality
4. Visual Capitalist / World Population Review (Freshwater Resources): (Source for top 5 countries - Brazil, Russia, Canada, US, China).
   • الرابط:https://www.visualcapitalist.com/charted-share-of-freshwater-resources-by-country/