ازدهار اقتصاد الفعاليات في الرياض وكيف يغيّر سلوك المستهلك

ازدهار اقتصاد الفعاليات في الرياض وكيف يغيّر سلوك المستهلك

هذا الاتجاه هو نتيجة مباشرة لتوافر الخيارات الترفيهية العالية الجودة، والتي تتطلب تخصيص جزء ثابت من الميزانية الشهرية.

في غضون سنوات قليلة، تحولت العاصمة السعودية، الرياض، من مركز إداري ومالي تقليدي إلى وجهة عالمية نابضة بالحياة ومنارة للترفيه، مدفوعةً بالاستثمارات الهائلة في قطاع الفعاليات ضمن برامج رؤية 2030 ومبادرات مثل موسم الرياض. هذا التحول أدى إلى خلق ما يُعرف بـ "اقتصاد الفعاليات"، الذي يضم مجموعة واسعة من الأنشطة، من الحفلات الموسيقية العالمية والمهرجانات الفنية الكبرى، إلى المؤتمرات التقنية والمعارض التجارية المتخصصة.

إن هذا الازدهار لا يعكس فقط التزام الدولة بتحسين "جودة الحياة" لمواطنيها والمقيمين، بل يمثل أيضاً محركاً اقتصادياً قوياً يُساهم في خلق فرص العمل وتدفق الاستثمارات. وقد أدى هذا التدفق المستمر للفعاليات على مدار العام إلى تغيير جوهري في نمط حياة وسلوك الإنفاق للمستهلك في الرياض.

في عام 2025، أصبح سلوك المستهلك في الرياض يتميز بـ "الإنفاق على التجارب بدلاً من الممتلكات" (Spending on Experiences over Possessions). وهذا الاتجاه هو نتيجة مباشرة لتوافر الخيارات الترفيهية العالية الجودة، والتي تتطلب تخصيص جزء ثابت من الميزانية الشهرية.

هذا التحليل يستعرض أربعة محاور رئيسية لكيفية تغيير ازدهار اقتصاد الفعاليات في الرياض لسلوك المستهلك، بدءاً من تخطيط الميزانية وصولاً إلى التفضيل الاجتماعي.

التغييرات المحورية في سلوك المستهلك بالرياض

تخصيص "ميزانية الترفيه والتجارب" الثابتة
شهدت الأسر والأفراد في الرياض تحولاً في تخصيص ميزانياتهم الشهرية. فبدلاً من اعتبار الإنفاق على الترفيه أمراً عارضاً أو موسمياً، أصبح هناك تخصيص شهري ثابت لشراء تذاكر الفعاليات، وتجارب المطاعم الجديدة، وزيارة الأنشطة الترفيهية المستمرة.

  • التأثير: هذا التخصيص زاد من معدل الإنفاق الإجمالي في قطاعات الضيافة والمطاعم والمقاهي (HORECA)، وأدى إلى نمو ملحوظ في الشركات المتخصصة ببيع تذاكر الفعاليات وحجز التجارب الرقمية.

صعود "الاستهلاك الاجتماعي القائم على الحدث"
أصبحت المشاركة في الفعاليات الكبرى، سواء كانت رياضية أو فنية، بمثابة "عملة اجتماعية" للشباب.

  • آلية السلوك: يميل المستهلكون إلى اختيار الفعاليات التي يمكن "مشاركتها" رقمياً على منصات التواصل الاجتماعي (مثل إنستغرام وسناب شات)، مما يرفع من قيمة "التجربة" مقارنة بـ "المنتج". هذا يقود إلى زيادة الطلب على المطاعم والمقاهي ذات التصميم الجذاب (Instagrammable) والتي تقع بالقرب من أماكن الفعاليات.

التفضيل المزدوج (Bimodal Preference) في التسوق
أثر اقتصاد الفعاليات على أنماط التسوق في الرياض من خلال خلق نمط تفضيلي مزدوج:

  • الجانب الترفيهي: زيادة الإنفاق على الأزياء والإكسسوارات المصممة خصيصاً لحضور فعاليات معينة (Event-Specific Outfits).
  • الجانب الاقتصادي: في المقابل، يزداد البحث عن القيمة والتوفير في المشتريات اليومية الأساسية لموازنة الإنفاق العالي على الترفيه.

ارتفاع معدل "الاحتفاظ بالزائر" والتسوق السياحي
لم تعد الفعاليات تجذب سكان الرياض فقط، بل تجذب زواراً محليين ودوليين يقضون نهاية الأسبوع أو إجازة قصيرة في المدينة.

  • التأثير: أصبح المستهلك السياحي (Visitors/Tourists) يمثل جزءاً متزايد الأهمية من إجمالي الإنفاق في المولات والمناطق التجارية المحيطة بمواقع الفعاليات، مما يحوّل الإنفاق من قطاع الإقامة إلى قطاع التجزئة والترفيه.

توزيع إنفاق المستهلك في الرياض المرتبط بالفعاليات (تقديرات 2025)

قطاع الإنفاقالنسبة المئوية من ميزانية الفعالياتالمحرك الرئيسي للإنفاق
التذاكر ورسوم الدخول35%جودة الفعاليات الدولية والترفيه الكبير.
المطاعم والمقاهي (أثناء الحدث)30%الاستهلاك الاجتماعي و "ثقافة المراجعات".
النقل والإقامة (للزوار)20%سهولة التنقل بين مواقع الفعاليات المختلفة.
الأزياء والإكسسوارات (المخصصة للحدث)15%الرغبة في الظهور الاجتماعي والمشاركة الرقمية.

الحياة الجديدة: التجربة أولاً والملكية ثانياً

إن ازدهار اقتصاد الفعاليات في الرياض وكيف يغيّر سلوك المستهلك يُرسخ قناعة بأن الرياض قد دخلت مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي القائم على التجارب. هذا التحول لا يقتصر على الإنفاق المالي، بل يمتد ليشمل تحديد أولويات الشباب، حيث أصبحت القيمة في "القصة التي ترويها" عن تجربتك في فعالية ما، بدلاً من "الأشياء التي تمتلكها". هذا التغير الجذري يضمن استدامة النمو في قطاع الترفيه ويجعل من الرياض مركزاً جاذباً لرأس المال البشري والسياحي.

المصادر

  1. [1] الهيئة العامة للترفيه (GEA) - تقارير الأثر الاقتصادي لموسم الرياض والفعاليات الكبرى:
    • يتم الرجوع إليه لتقييم حجم الإنفاق والإقبال السياحي.
  2. [2] BCG (Boston Consulting Group) - The Rise of the Saudi Experience Economy (Analyzing consumer behavior shift):
  3. [3] Euromonitor International - Consumer Spending Outlook in Saudi Arabia (Focusing on HORECA and Leisure expenditure):
    • يتم الرجوع إليه لتحليل تحول ميزانية الإنفاق نحو الترفيه.
  4. [4] Oxford Business Group - Analysis of Saudi Arabia's Tourism and Hospitality Sector Growth:
    • يغطي دور الفعاليات في جذب الزوار من داخل وخارج المملكة.