استثمارات السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي 2025
استثمارات السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي 2025

استثمارات السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي 2025

يهدف هذا المقال من مقالات موقع (احصائيات) إلى تقديم تحليل معمق ومقارنة شاملة لاستراتيجيات واستثمارات السعودية والإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي حتى منتصف عام 2025، مدعمًا بأحدث الأرقام الرسمية والتوقعات التي تشكل ملامح مستقبلهما الرقمي.

تشهد تقنية الذكاء الاصطناعي العالمي تحولاً جذرياً، وفي قلب هذا التحول تبرز كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كلاعبين رئيسيين على الساحة الدولية. فكلا البلدين، مدفوعين برؤى وطنية طموحة واستثمارات ضخمة، يتسابقان ليس فقط لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل ليصبحا مركزين عالميين للابتكار وتطوير هذه التكنولوجيا المحورية.

يهدف هذا المقال من مقالات موقع (احصائيات) إلى تقديم تحليل معمق ومقارنة شاملة لاستراتيجيات واستثمارات السعودية والإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي حتى منتصف عام 2025، مدعمًا بأحدث الأرقام الرسمية والتوقعات التي تشكل ملامح مستقبلهما الرقمي.

محركات الاستثمار: رؤى وطنية طموحة تدفع عجلة الذكاء الاصطناعي

لم يأتِ هذا الزخم في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لاستراتيجيات وطنية بعيدة المدى تهدف إلى تنويع الاقتصادات بعيداً عن النفط، وبناء اقتصادات معرفية مستدامة، وتعزيز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين:

1- رؤية السعودية 2030: تُعدّ هذه الرؤية المظلة الكبرى لدفع عجلة التحول في المملكة. فوفقاً للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، تُعدّ 70% من الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030 تتضمن البيانات والذكاء الاصطناعي. تهدف الرؤية إلى أن تصبح المملكة قوة رائدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، مع التركيز على بناء القدرات المحلية، وجذب الاستثمارات، وتطوير التطبيقات المبتكرة في مختلف القطاعات.

2- استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031: أطلقت الإمارات هذه الاستراتيجية في عام 2017، بهدف أن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي بحلول 2031. تركز الاستراتيجية على تعزيز الكفاءة الاقتصادية، تحسين نوعية الحياة، وتحويل الصناعات الأساسية من خلال التقنيات المتقدمة. وتم إنشاء أول وزارة للذكاء الاصطناعي في العالم كدليل على التزامها.

3- التنويع الاقتصادي: تسعى كلتا الدولتين لتقليل الاعتماد على عائدات النفط من خلال بناء قطاعات جديدة قائمة على التكنولوجيا والمعرفة، حيث يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي المستقبلي.

4- القدرة التنافسية العالمية: تدرك القيادتان أهمية الذكاء الاصطناعي في تحديد ملامح القوى الاقتصادية والتكنولوجية العالمية، وتسعيان لضمان مكانة رائدة لبلديهما.

السعودية: استثمارات بمليارات الدولارات وريادة في البنية التحتية

تُظهر المملكة العربية السعودية التزاماً غير مسبوق في استثماراتها بالذكاء الاصطناعي، مدعومة بقوة صندوق الاستثمارات العامة (PIF) ومبادرات حكومية جريئة.

  • استثمارات ضخمة في LEAP 2025: شهد مؤتمر LEAP 2025، الذي استضافته الرياض في فبراير 2025، إعلان المملكة عن استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار أمريكي في قطاعات التكنولوجيا، خصيصاً للذكاء الاصطناعي. ووفقاً لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بلغ حجم الاستثمارات المرتبطة مباشرة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في LEAP 2025 حوالي 14.9 مليار دولار أمريكي. هذا يؤكد التزام المملكة بتعزيز مكانتها كمركز إقليمي وعالمي للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
  • الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA): تلعب SDAIA دوراً محورياً في قيادة الأجندة الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي. في منتصف عام 2025، تواصل SDAIA تعزيز مبادراتها، بما في ذلك بناء القدرات الوطنية من خلال برامج تدريبية متقدمة وتأهيل جيل جديد من متخصصي الذكاء الاصطناعي. وقد استعرضت SDAIA إنجازاتها في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في فعاليات دولية كبرى مثل معرض إكسبو 2025 في اليابان، مما يدل على حرص المملكة على تبادل الخبرات ودمج الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات.
  • صندوق الاستثمارات العامة (PIF) وشركة "Humain": يُعدّ صندوق الاستثمارات العامة الذراع الاستثماري الرئيسي للمملكة، وقد أطلق في مايو 2025 شركة "Humain" ككيان جديد يركز على تطوير الذكاء الاصطناعي. تهدف "Humain" إلى الاستثمار عبر سلسلة قيمة الذكاء الاصطناعي، ودمج وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي في قطاعات استراتيجية متعددة مثل الطاقة، الرعاية الصحية، التصنيع، والخدمات المالية. هذا يعكس استراتيجية السعودية في تملّك التكنولوجيا وتطبيقها على نطاق واسع في اقتصادها.
  • الاستثمار في مراكز البيانات: تُظهر السعودية تفوقاً واضحاً في خطط بناء القدرة المستقبلية لمراكز البيانات. فبينما تمتلك الإمارات قدرة حالية تنافسية (أكثر من 250 ميجاوات)، تُخطط السعودية لمشاريع قادمة تبلغ سعتها 2200 ميجاوات، مقارنة بـ 500 ميجاوات للإمارات. هذا الاستثمار الضخم في البنية التحتية الأساسية لمراكز البيانات يُعدّ حاسماً لتمكين تطبيقات الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق.
  • مشاريع المدن الذكية: تُعدّ مشاريع مثل "نيوم" و"ذا لاين" حاضنات حقيقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث تُصمم هذه المدن لتكون مدفوعة بالبيانات والذكاء الاصطناعي منذ البداية، من إدارة البنية التحتية إلى الخدمات الحضرية.
  • اقرأ ايضا: تكلفة المعيشة في مدن الخليج الكبرى 2025

الإمارات العربية المتحدة: ريادة تشريعية وتكامل الذكاء الاصطناعي في الحكومة

تُعرف الإمارات بكونها مركزاً للابتكار، وقد رسّخت مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال استراتيجيات واضحة وتطبيق عملي للتكنولوجيا:

  • مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي: تتصدر الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي في المساهمة المتوقعة للذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي. فبحلول عام 2031، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 96 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، ليشكل نسبة 13.6% من إجمالي الناتج المحلي، وهي النسبة الأعلى مقارنة بـ 12.4% في السعودية و 8.2% في بقية دول مجلس التعاون الخليجي (وفقاً لـ PwC).
  • الحكومة الرقمية ودبي الذكية: تواصل الإمارات جهودها في رقمنة الخدمات الحكومية، مع استراتيجية دبي الرقمية للحكومة 2025-2027 التي خصصت لها 3.54 مليار دولار أمريكي (13 مليار درهم إماراتي) بهدف أتمتة جميع العمليات الحكومية. هذا يضمن أن الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم فقط في القطاع الخاص، بل هو جزء لا يتجزأ من الكفاءة الحكومية وتقديم الخدمات.
  • الوزارة المتخصصة و"الذكاء الاصطناعي المتمركز حول الإنسان": لا تزال وزارة الذكاء الاصطناعي في الإمارات مبادرة فريدة عالمياً، مما يؤكد على جدية الالتزام. وتركز الاستراتيجية الإماراتية على "الذكاء الاصطناعي المتمركز حول الإنسان"، الذي يهدف إلى تمكين الناس بدلاً من استبدالهم. وقد تم في عام 2024 إصدار قانون شامل حول أخلاقيات وحوكمة الذكاء الاصطناعي، يضع معايير واضحة للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة، الرعاية الصحية، التعليم، والقطاعات التجارية، مع تركيز قوي على الشفافية وحماية البيانات والمساءلة.
  • مؤسسة دبي للمستقبل (DFF) وفعاليات الذكاء الاصطناعي: في إطار دبي AI Week 2025، عقدت مؤسسة دبي للمستقبل شراكة مع Google Cloud لتمكين كبار مسؤولي الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، بهدف وضع دبي ضمن أفضل 10 مدن في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي العالمي. هذا يبرز دور التعاون بين القطاعين العام والخاص في تسريع تبني الذكاء الاصطناعي.

G42 ودورها في أبو ظبي: تُعدّ G42، وهي مجموعة تكنولوجية مقرها أبو ظبي، لاعبا رئيسياً في مشهد الذكاء الاصطناعي في الإمارات. فقد أطلقت الشركة صندوق توسع تكنولوجي بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، مما يعكس طموح أبوظبي في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي.

السباق التنافسي والإقليمي: رؤية أوسع لعام 2025

يتجاوز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مجرد التنافس بين الدولتين ليشكل قوة دافعة للنمو الاقتصادي الإقليمي. وفقاً لـ PwC، يمكن أن يضيف التبني الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي 232 مليار دولار أمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بحلول عام 2035. سوق الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط يقدر بـ 4.6 مليار دولار أمريكي في عام 2024 ومن المتوقع أن ينمو بشكل كبير ليصل إلى 150 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب مذهل يبلغ 43.65% من 2025 إلى 2033.

ورغم التدفق الهائل للاستثمارات والرؤى الطموحة، تواجه الدولتان تحديات مشتركة، أبرزها ندرة المواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحاجة إلى بناء نظام بيئي كامل للابتكار يشمل البحث والتطوير، وحاضنات الأعمال، والشركات الناشئة القادرة على إنتاج نماذج ذكاء اصطناعي رائدة.

في النهاية تبقى كلمة: مستقبل رقمي واعد بقيادة إقليمية

إن الاستثمارات الضخمة والخطط الاستراتيجية الواضحة التي تضعها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي تؤكد التزامهما ببناء مستقبل رقمي مستدام. مع حلول منتصف عام 2025، لم تعد هذه الاستثمارات مجرد وعود، بل أصبحت حقيقة تتجلى في مشاريع البنية التحتية، المبادرات الحكومية، وتزايد الشركات المتخصصة. هذا السباق نحو الريادة في الذكاء الاصطناعي لن يعود بالنفع على البلدين فحسب، بل سيُسهم في تعزيز مكانة المنطقة ككل على خارطة الابتكار التكنولوجي العالمي، ويُمهد الطريق لاقتصادات أكثر تنوعاً ومرونة وقدرة على التكيف مع متطلبات المستقبل.

مصادر المقال الرسمية:
وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات - المملكة العربية السعودية:

Saudi Arabia Solidifies Its Position as a Regional and Global Hub for AI with $14.9B in Investment at LEAP25 (تاريخ النشر فبراير 2025).

الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA):

الموقع الرسمي لـ SDAIA (للوصول إلى آخر الأخبار والفعاليات مثل المشاركة في Expo 2025 Japan).

SPA - SDAIA Showcases Saudi Arabia's Digital Transformation and AI Advancements at Expo 2025 Japan (تاريخ النشر مايو 2025).

صندوق الاستثمارات العامة (PIF) - المملكة العربية السعودية:

Saudi Company for Artificial Intelligence | Public Investment Fund - PIF

Saudi fund to fuel AI ambitions with Humain - Mobile World Live (تاريخ النشر مايو 2025).