مؤشرات رؤية المملكة 2030 من تقرير صندوق النقد الدولي في الربع الثاني من 2024
تُعد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إحدى أهم الخطط التنموية الطموحة التي تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي وتقليص اعتماده على النفط، مع التركيز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز الابتكار وتطوير القطاعات غير النفطية. مع اقتراب عام 2030، تبرز أهمية رصد التقدم المحقق على مستوى المؤشرات الأساسية التي تم تحديدها كأهداف للرؤية. في هذا المقال، سنتناول المؤشرات الرئيسية التي أوردها صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في الربع الثاني من عام 2024.
1. مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة
إحدى الركائز الأساسية لرؤية 2030 هي تعزيز مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل. كان معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة عام 2016 حوالي 22.8%، وهو ما يعكس بداية التحول الاجتماعي والاقتصادي الكبير الذي تستهدفه المملكة. في عام 2023، ارتفع هذا المعدل إلى 35.2%، وهو ارتفاع ملحوظ يعكس الجهود الحكومية في تحسين البيئة التنظيمية والاجتماعية لتعزيز دور المرأة. الهدف المقرر لهذا المؤشر بحلول عام 2030 هو 30%، ما يعني أن المملكة تجاوزت بالفعل هذا الهدف بحوالي 5.2 نقاط مئوية.
يُعتبر هذا الارتفاع في مشاركة المرأة علامة قوية على التزام الحكومة بتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين، كما يعزز التوقعات بإسهام المرأة بشكل أكبر في تنمية الاقتصاد الوطني.
2. ديون الشركات الصغيرة إلى الدخل القومي الإجمالي
الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتبر العمود الفقري لأي اقتصاد ناشئ. في السعودية، كانت نسبة ديون هذه الشركات إلى الدخل القومي الإجمالي في عام 2016 2%. بفضل المبادرات الحكومية لتحفيز النمو الاقتصادي وتسهيل حصول الشركات على التمويل، ارتفعت هذه النسبة في عام 2023 إلى 8.4%. الهدف الذي تطمح المملكة إلى تحقيقه بحلول 2030 هو 20%، وهو هدف لا يزال بعيدًا ولكن التقدم المحقق حتى الآن يُعد مؤشرًا إيجابيًا.
تُظهر هذه الأرقام التحسن الملحوظ في دعم المملكة للقطاع الخاص، وتوسيع فرص الشركات الناشئة للوصول إلى التمويل الذي يمكنها من النمو والمساهمة في تنويع الاقتصاد.
3. نسبة تملك المساكن
من أهم أهداف رؤية 2030 هو تحسين جودة الحياة للمواطنين، ويشمل ذلك زيادة نسبة تملك المساكن. في عام 2016، كانت نسبة تملك المساكن 47%، وارتفعت هذه النسبة بشكل ملحوظ إلى 64% في عام 2023، مع وجود هدف بالوصول إلى 70% بحلول 2030.
هذا النمو يعكس نجاح المبادرات الحكومية في تقديم حلول سكنية ميسرة، وتحسين السياسات التمويلية المتعلقة بامتلاك المنازل. ويُظهر هذا التحسن الرغبة في توفير بيئة سكنية مستدامة، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي في المملكة.
4. عدد السياح الدوليين والمحليين
السياحة هي أحد القطاعات التي شهدت تحولاً جذريًا في المملكة. كانت المملكة تستقبل 63.1 مليون سائح في عام 2016، وارتفع هذا الرقم إلى 109.3 مليون سائح بحلول عام 2023. الهدف النهائي هو استقبال 100 مليون سائح بحلول عام 2030، ما يعني أن المملكة قد تجاوزت بالفعل هذا الهدف قبل الموعد المحدد.
هذا النجاح يُعزى إلى التوسع الكبير في مشاريع البنية التحتية السياحية مثل "نيوم" و"مشروع البحر الأحمر"، بالإضافة إلى تطوير نظام التأشيرات السياحية التي سهلت دخول الزوار إلى المملكة.
5. العائدات الحكومية غير النفطية
أحد الأهداف الأساسية لرؤية 2030 هو تنويع مصادر الإيرادات الحكومية بعيدًا عن النفط. في عام 2016، كانت العائدات الحكومية غير النفطية تقدر بحوالي 186 مليار ريال. في عام 2023، ارتفعت هذه العائدات إلى 458 مليار ريال، وهو قفزة هائلة تعكس نجاح المملكة في تحفيز القطاعات غير النفطية مثل الصناعات التحويلية، التكنولوجيا، والخدمات.
بحلول عام 2030، تستهدف المملكة تحقيق تريليون ريال كعائدات غير نفطية، وهو هدف طموح يتطلب استمرار الجهود لتعزيز الابتكار والاستثمار في قطاعات متنوعة.
6. التقدم والتحديات
تقرير صندوق النقد الدولي يُبرز التقدم الكبير الذي حققته المملكة في معظم المؤشرات المتعلقة برؤية 2030. على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تداعيات جائحة كورونا واضطرابات سوق الطاقة، إلا أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الأهداف المرجوة.
ومع ذلك، يظل هناك تحديات تواجه المملكة في بعض المؤشرات مثل نسبة ديون الشركات الصغيرة إلى الدخل القومي الإجمالي، إذ أن تحقيق نسبة الـ20% بحلول عام 2030 يتطلب تكثيف الجهود لتمكين الشركات الصغيرة من الحصول على التمويل وتطوير البيئة التشريعية التي تدعم نمو هذا القطاع.