
أكثر مدن العالم حرارة في 2025: مواجهة لهيب المناخ المتغير
الاتجاهات المناخية التاريخية والتوقعات العلمية تُشير بوضوح إلى المدن والمناطق التي ستُعاني من درجات حرارة مرتفعة بشكل استثنائي.
في عام 2025، ومع استمرار ظاهرة تغير المناخ وتأثيراتها المتزايدة، تُصبح درجات الحرارة القصوى واقعاً ملموساً في العديد من أنحاء العالم. بينما لا يُمكن التنبؤ بشكل قاطع بأعلى درجة حرارة تُسجلها مدينة بعينها في كل لحظة خلال عام محدد، إلا أن الاتجاهات المناخية التاريخية والتوقعات العلمية تُشير بوضوح إلى المدن والمناطق التي ستُعاني من درجات حرارة مرتفعة بشكل استثنائي.
هذه المدن ليست مجرد نقاط على الخريطة؛ بل هي مجتمعات تُصارع من أجل التكيف مع بيئة تُصبح أكثر قسوة، مما يُشكل تحديات غير مسبوقة على الصحة العامة، البنية التحتية، ونمط الحياة اليومي. فمن هي المدن التي يُتوقع أن تُسجل أعلى درجات الحرارة في هذا العام، وما هي العوامل التي تُغذي هذا اللهيب المتصاعد؟ لنتعمق في ملامح هذا التحدي المناخي الذي يُؤثر على مستقبل الملايين.
تعريف "المدن الأكثر حرارة": مؤشرات اللهب
تُعرف "المدن الأكثر حرارة" ليس فقط بتسجيلها لدرجات حرارة قياسية قصوى، بل أيضاً بمتوسط درجات حرارتها السنوية المرتفع بشكل دائم، وطول الفترات التي تُسجل فيها درجات حرارة شديدة. تشمل المؤشرات الرئيسية:
- متوسط درجة الحرارة السنوية: المتوسط العام لدرجات الحرارة على مدار العام.
- الحد الأقصى لدرجات الحرارة المسجلة: أعلى درجات حرارة تم تسجيلها على الإطلاق.
- عدد الأيام الحارة جداً: عدد الأيام التي تتجاوز فيها درجة الحرارة عتبة معينة (مثلاً، 40 درجة مئوية أو 104 فهرنهايت).
- تأثير الجزر الحرارية الحضرية: تفاقم درجات الحرارة في المدن بسبب الأسطح الممتصة للحرارة (الإسفلت والخرسانة) وقلة المساحات الخضراء.
المشهد الحراري العالمي 2025: استمرار موجات الحر
تُشير التوقعات لعام 2025 إلى استمرار الاتجاه نحو ارتفاع درجات الحرارة العالمية، حيث من المرجح أن يكون العام ضمن السنوات الخمس الأكثر دفئاً على الإطلاق. هذا يعني أن المناطق التي تُعاني تقليدياً من الحرارة الشديدة ستُواجه موجات حر أكثر تواتراً وشدة.
أبرز المدن والمناطق المرشحة لتسجيل أعلى درجات الحرارة في 2025:
بناءً على الأنماط المناخية التاريخية والتوقعات، يُتوقع أن تُواصل المدن في هذه المناطق تصدر قائمة الأكثر حرارة:
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (خاصة منطقة الخليج العربي والعراق وإيران):
مدن مثل: الكويت (الكويت)، البصرة (العراق)، الأحواز (إيران)، دبي وأبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة)، والرياض (المملكة العربية السعودية).
الأسباب: تتميز هذه المناطق بمناخ صحراوي جاف، وتُعاني من تأثير الجزر الحرارية الحضرية. تُسجل العديد من هذه المدن بانتظام درجات حرارة تُلامس أو تتجاوز 50 درجة مئوية (122 فهرنهايت) خلال أشهر الصيف.
أمثلة لتسجيل درجات قياسية: سجلت المطربة في الكويت درجة حرارة 53.9 درجة مئوية (129 فهرنهايت) في يوليو 2016، وهي واحدة من أعلى الدرجات المسجلة في آسيا. وتُعد الأحواز في إيران من بين المدن التي تُسجل درجات حرارة عالية جداً بانتظام.
شبه القارة الهندية (خاصة باكستان والهند):
مدن مثل: تربت (باكستان)، دلهي (الهند).
الأسباب: تُعاني هذه المناطق من موجات حر قاسية وطويلة خلال فصلي الربيع والصيف، خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية العالية وقلة المساحات الخضراء.
أمثلة لتسجيل درجات قياسية: سجلت تربت في باكستان 53.5 درجة مئوية (128.3 فهرنهايت) في مايو 2017.
أجزاء من الولايات المتحدة (الجنوب الغربي):
مدن مثل: فينيكس (أريزونا)، لاس فيغاس (نيفادا)، يوما (أريزونا).
الأسباب: تقع هذه المدن في الصحاري القاحلة وتُعاني من "تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية" حيث تُمتص الحرارة في المباني والأسفلت.
أمثلة لتسجيل درجات قياسية: سجلت فينيكس أرقاماً قياسية في عدد الأيام التي تجاوزت فيها الحرارة 43 درجة مئوية (110 فهرنهايت) في السنوات الأخيرة.
أجزاء من شمال أفريقيا (دول الساحل):
مدن مثل: كبيلي (تونس)، تمبكتو (مالي)، وادي حلفا (السودان).
الأسباب: تُقع هذه المدن في مناطق صحراوية وشبه صحراوية وتتأثر بشكل مباشر بمناخ الصحراء الكبرى.
أمثلة لتسجيل درجات قياسية: سجلت كبيلي في تونس 55 درجة مئوية (131 فهرنهايت) في عام 1931.
العوامل المحركة للحرارة الشديدة في المدن:
الموقع الجغرافي والمناخ الطبيعي: تقع معظم هذه المدن في مناطق صحراوية أو استوائية تتميز بطبيعتها الحارة والجافة.
تغير المناخ والاحتباس الحراري: يُؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى زيادة تواتر وشدة وطول موجات الحر.
تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية (Urban Heat Island Effect): تُمتص الخرسانة والأسفلت والمباني الحرارة وتُطلقها ببطء، مما يجعل المدن أكثر سخونة من المناطق الريفية المحيطة بها، خاصة في الليل.
النمو السكاني والتحضر: يؤدي التوسع العمراني إلى زيادة الأسطح الممتصة للحرارة وتقليل المساحات الخضراء.
قلة الغطاء النباتي والمياه: تُساهم قلة الأشجار والمسطحات المائية في المناطق الحضرية في ارتفاع درجات الحرارة.
التداعيات والتحديات في 2025:
تُخلف درجات الحرارة المرتفعة تداعيات خطيرة على هذه المدن وسكانها:
الصحة العامة: زيادة الوفيات والأمراض المرتبطة بالحرارة (ضربة الشمس، الإجهاد الحراري)، خاصة بين كبار السن والأطفال والفئات الضعيفة.
البنية التحتية: تضرر الطرق، السكك الحديدية، وأنظمة الطاقة بسبب الحرارة الشديدة.
استهلاك الطاقة: زيادة هائلة في استهلاك الكهرباء لتبريد المنازل والمباني، مما يُشكل ضغطاً على الشبكات.
الإنتاجية الاقتصادية: انخفاض إنتاجية العمل، خاصة في القطاعات التي تتطلب العمل في الهواء الطلق.
المياه: زيادة الطلب على المياه الصالحة للشرب والري، مما يُفاقم تحديات ندرة المياه.
مدن في مواجهة اللهيب: ضرورة التكيف والحلول
في عام 2025، تستمر المدن الواقعة في المناطق القاحلة والحارة، والعديد من المدن الكبرى حول العالم، في مواجهة تحدي درجات الحرارة القصوى. تُعد مدن مثل الكويت، البصرة، الأحواز، وفينيكس، أمثلة بارزة على هذا الواقع المناخي المتغير.
إن القدرة على التكيف مع هذه الظروف، من خلال تطوير بنية تحتية مقاومة للحرارة، تعزيز المساحات الخضراء، إدارة الموارد المائية بكفاءة، وتطبيق أنظمة إنذار مبكر، ليست مجرد خيار، بل ضرورة ملحة.
إن مستقبل هذه المدن، ورفاهية سكانها، يعتمد بشكل كبير على الاستثمار في استراتيجيات التكيف مع الحرارة، والعمل العالمي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تُغذي هذا اللهيب المتصاعد.
مصادر المقال الرسمية:
- هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية (USGS) ووكالات الأرصاد الجوية الوطنية:تُسجل وتُحلل هذه الهيئات بيانات درجات الحرارة التاريخية والقياسية حول العالم.
- موقع AQI.in - Weather Ranking 2025:يُقدم هذا الموقع تصنيفاً حياً وتوقعات لدرجات الحرارة في المدن حول العالم، بما في ذلك تقديرات لعام 2025.الموقع الإلكتروني:www.aqi.in/weather/live-ranking
- Climate Central:مؤسسة علمية تُقدم تحليلات وأبحاث حول تغير المناخ وتأثيراته على المدن ودرجات الحرارة، مع توقعات للسنوات القادمة.الموقع الإلكتروني:www.climatecentral.org(يمكن البحث عن "urban heat" أو "temperature projections")
- المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO):تُصدر تقارير حول الظواهر الجوية المتطرفة وتغير المناخ.الموقع الإلكتروني:public.wmo.int/en