أكثر الدول سكانًا بحلول منتصف ونهاية القرن الحالي

أكثر الدول سكانًا بحلول منتصف ونهاية القرن الحالي

التغيرات الديموغرافية العالمية:

منذ عام 2023، تصدرت الهند قائمة الدول الأكثر سكانًا في العالم، متجاوزةً الصين لأول مرة في التاريخ الحديث. وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، من المتوقع أن تحتفظ الهند بهذا المركز حتى نهاية القرن، وهو ما يعكس تحولًا ديموغرافيًا عالميًا جوهريًا.

في هذا المقال، سنستعرض التوقعات السكانية العالمية بحلول عام 2100، وكيف ستؤثر هذه التغيرات على الاقتصاد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم.

التوقعات السكانية للهند

بحلول عام 2025، يُقدّر عدد سكان الهند بحوالي 1.46 مليار نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.68 مليار في عام 2050، قبل أن ينخفض إلى 1.51 مليار بحلول عام 2100. يرجع هذا الانخفاض المتوقع في النصف الثاني من القرن إلى تراجع معدلات الخصوبة وزيادة الوعي بتنظيم الأسرة.

رغم ذلك، ستظل الهند الدولة الأكثر سكانًا في العالم، مما سيمنحها نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا. بفضل سوقها المحلي الضخم وقواها العاملة الشابة، من المرجح أن تستمر في تعزيز مكانتها كأحد الاقتصادات الكبرى في العالم.

التحديات الديموغرافية التي تواجه الصين

على النقيض من الهند، تواجه الصين انخفاضًا سكانيًا ملحوظًا. يُقدّر عدد سكانها حاليًا بحوالي 1.41 مليار نسمة، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 1.26 مليار بحلول عام 2050، ثم إلى 633 مليونًا فقط في عام 2100.

يعزى هذا الانخفاض إلى عقود من السياسات السكانية الصارمة، مثل سياسة الطفل الواحد التي استمرت حتى عام 2016. رغم إلغائها والسماح بإنجاب ثلاثة أطفال حاليًا، لم تؤدِ هذه التعديلات إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات الولادة.

سيؤثر هذا التراجع السكاني على التركيبة العمرية للصين، حيث يُتوقع أن يفوق عدد كبار السن عدد الشباب بحلول منتصف القرن، مما سيزيد من الضغط على نظام الرعاية الاجتماعية والصحية.

نمو سكاني متسارع في إفريقيا

في المقابل، من المتوقع أن تحقق العديد من الدول الأفريقية نموًا سكانيًا ملحوظًا في العقود القادمة، مما يعزز دور القارة في الاقتصاد العالمي. من بين الدول التي ستشهد أكبر ارتفاع في عدد السكان:

  • نيجيريا: يبلغ عدد سكانها حاليًا حوالي 223 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 377 مليونًا في 2050، و546 مليونًا في 2100، مما يجعلها ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بحلول نهاية القرن.
  • جمهورية الكونغو الديمقراطية: يتوقع أن يرتفع عدد سكانها من 108 ملايين نسمة في 2025 إلى 362 مليونًا في 2100.
  • إثيوبيا وتنزانيا: ستشهد كل منهما ارتفاعًا سكانيًا يجعلها ضمن الدول العشر الأكثر سكانًا بحلول نهاية القرن.

يشكل هذا النمو السكاني تحديًا وفرصة في الوقت ذاته؛ إذ يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، والتعليم، والصحة، ولكنه أيضًا يمثل قوة عاملة محتملة يمكن أن تعزز الاقتصاد العالمي.

تراجع النمو السكاني في الدول الغربية

تشير التوقعات إلى أن العديد من الدول الغربية ستشهد انخفاضًا في عدد السكان بسبب معدلات الخصوبة المنخفضة وارتفاع متوسط العمر المتوقع. من بين هذه الدول:

  • اليابان: من المتوقع أن ينخفض عدد سكانها من 125 مليونًا حاليًا إلى أقل من 75 مليونًا بحلول 2100.
  • ألمانيا: رغم الهجرة المستمرة، سيشهد عدد سكانها انخفاضًا من 83 مليونًا اليوم إلى حوالي 66 مليونًا في نهاية القرن.
  • إيطاليا وإسبانيا: قد تنخفض أعداد سكانهما بنسب تصل إلى 30-40% بحلول 2100.

لمواجهة هذا التراجع، قد تضطر هذه الدول إلى تغيير سياساتها المتعلقة بالهجرة وتحفيز النمو السكاني من خلال دعم الأسر الشابة.

الولايات المتحدة وباكستان: صراع على المركز الثالث

في عام 2050، من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان، بواقع 381 مليون نسمة. لكن بحلول عام 2100، من المرجح أن تتجاوزها باكستان، التي سيصل عدد سكانها إلى 511 مليون نسمة.

يعود النمو السكاني السريع في باكستان إلى ارتفاع معدلات الخصوبة مقارنة بالدول الأخرى، وهو ما سيجعلها لاعبًا رئيسيًا في المشهد الاقتصادي والسياسي العالمي.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للتغيرات السكانية

  1. التغير في أسواق العمل: ستواجه الدول ذات التراجع السكاني نقصًا في القوى العاملة، مما قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الروبوتات والذكاء الاصطناعي، أو اللجوء إلى استراتيجيات هجومية لجذب المهاجرين.
  2. الضغوط على أنظمة الرعاية الاجتماعية: ستزداد أعباء توفير المعاشات والرعاية الصحية في الدول التي تشهد ارتفاعًا في نسبة كبار السن، مثل الصين واليابان وأوروبا.
  3. نمو الأسواق الاستهلاكية: مع ارتفاع أعداد السكان في إفريقيا وآسيا، ستتجه الشركات العالمية نحو الاستثمار في هذه الأسواق، مما سيغير مراكز الثقل الاقتصادي.
  4. الأمن الغذائي والموارد الطبيعية: سيؤدي التزايد السكاني في بعض المناطق إلى ضغوط على موارد المياه والغذاء والطاقة، مما يستدعي حلولًا مبتكرة لمواجهة هذه التحديات.

سياسات مقترحة لمواجهة التحديات السكانية

لضمان مستقبل مستدام، تحتاج الدول إلى تبني سياسات سكانية متوازنة، مثل:

  • تحفيز النمو السكاني في الدول المتراجعة من خلال دعم العائلات وتشجيع الهجرة.
  • تعزيز الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة في الدول التي تشهد نموًا سكانيًا مرتفعًا.
  • دعم برامج الصحة الإنجابية والتخطيط الأسري لضبط معدلات الخصوبة بشكل مستدام.

الخلاصة

تشير التوقعات السكانية إلى تحولات ديموغرافية جذرية بحلول عام 2100. بينما تستمر الهند في الصدارة، تواجه الصين تحديات شيخوخة سكانية حادة، في حين تبرز إفريقيا كلاعب رئيسي في مستقبل النمو السكاني العالمي.

هذه التحولات ستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، وتفرض تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات متكاملة لضمان تحقيق التوازن بين النمو السكاني والاستدامة.