خريطة الثراء العالمية لعام 2025: هيمنة الشمال وصعود الشرق
على الرغم من أن أمريكا الشمالية لا تزال تتربع على عرش الثراء، إلا أن معدل نمو الثروات في آسيا يمثل التحدي الأكبر لـ "النموذج الغربي". فبينما يضيف الغرب ثروات بمليارات الدولارات، يضيف الشرق مئات المليارديرات الجدد، مما يغير تدريجياً توازن القوة الاقتصادية العالمية.
تُعد خريطة الثروة العالمية لعام 2025 انعكاساً دقيقاً لتحولات القوى الاقتصادية والابتكارات التكنولوجية التي تهيمن على المشهد العالمي. وفي حين أن نادي المليارديرات يضم الآن أكثر من 3000 شخص، فإن توزيع هذه الثروة يظل مركزياً بشكل صارخ في قارات محددة. إن تحليل ترتيب أغنى الأفراد حسب القارات يكشف عن مصادر القوة الاقتصادية، سواء كانت نابعة من الابتكار التكنولوجي غير المسبوق في الغرب، أو من التصنيع والتحول الاستهلاكي الهائل في الشرق.
لعدة عقود، سيطرت أمريكا الشمالية وأوروبا على المراكز الأولى في تصنيفات الثراء العالمية، مستفيدة من رسوخ الأسواق المالية والصناعات التقليدية والتقدم في قطاعات التكنولوجيا. ومع ذلك، يشير عام 2025 إلى تسارع وتيرة صعود آسيا، التي تواصل تقليص الفجوة، مدفوعة بمدن كبرى مثل بكين ومومباي التي أصبحت بؤراً لإنشاء الثروات الجديدة، خصوصاً في مجالات التجارة الإلكترونية والبنية التحتية المتنوعة.
يهدف هذا المقال إلى تفكيك مشهد الثروة العالمي لعام 2025، من خلال تسليط الضوء على هيمنة أمريكا الشمالية في عدد المليارديرات والقيمة الإجمالية لثرواتهم، ومقارنة ذلك بالتطور الملحوظ في أوروبا وآسيا، مع استعراض تحديات النمو في قارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
أولاً: الهيمنة التكنولوجية لأمريكا الشمالية
تبقى قارة أمريكا الشمالية، وخصوصاً الولايات المتحدة، هي قلب الثراء العالمي، وذلك بفضل استمرار ازدهار قطاعي التكنولوجيا والابتكار المالي:
- المركز الأول بالعدد والقيمة: تستضيف الولايات المتحدة وحدها أكثر من 900 ملياردير، مما يمنح أمريكا الشمالية الصدارة المطلقة في العدد الإجمالي لمليارديرات العالم. الأهم من ذلك، أن المنطقة هي موطن لأغنى شخص في العالم، وهو إيلون ماسك، الذي تتجاوز ثروته المجمعة ثروة أثرى الأفراد في قارات أخرى مجتمعة.
- ثروة الابتكار: ترتبط الثروات الضخمة في القارة بشكل مباشر بالشركات العملاقة التي غيرت شكل العالم، مثل تسلا، وأمازون، وفيسبوك (ميتا)، وأوراكل. هذا التركيز على "التكنولوجيا العميقة" والمنصات الرقمية يضمن تجديد الثروة ونموها بمعدلات أسرع من القطاعات التقليدية.
- المكسيك وكندا: رغم هيمنة الولايات المتحدة، تساهم دول أخرى في أمريكا الشمالية، مثل المكسيك (بثروات الاتصالات) وكندا (بثروات التكنولوجيا والخدمات المالية)، في تعزيز المركز القاري كأغنى منطقة في العالم.
ثانياً: الرسوخ الأوروبي وصعود القوة الآسيوية
تُظهر القارتان الأغنى بعد أمريكا الشمالية مسارات نمو متباينة، حيث تعتمد أوروبا على القوة الراسخة بينما تدفع آسيا بثقلها نحو المقدمة:
- ثراء الرفاهية الأوروبي: تعتمد أوروبا على ثروات متجذرة في قطاعات السلع الفاخرة والتجزئة والتصنيع المتقدم. يتصدر برنارد أرنو من فرنسا قائمة أثرياء القارة، ممثلاً لقوة العلامات التجارية الفاخرة التي تصمد أمام التحديات الاقتصادية. كما أن دولاً مثل ألمانيا وروسيا وإيطاليا تساهم بشكل كبير في الثروة الإجمالية للقارة.
- اندفاع آسيا: تحتل آسيا (الصين والهند على وجه الخصوص) المركز الثاني في عدد المليارديرات عالمياً. يتصدر موكيش أمباني من الهند قائمة الأثرياء في آسيا، بثروته التي تشمل قطاعات متنوعة من النفط والاتصالات والتجزئة. يُعد هذا الصعود الآسيوي هو الأكثر ديناميكية، حيث يضيف مليارديرات جدد بمعدل سريع، مما يعكس تحولاً هائلاً في القوة الاقتصادية العالمية نحو الشرق.
- جسر الثروة الأوراسي: تُظهر روسيا، التي تتشارك في كلتا القارتين، ثروات ضخمة نابعة غالباً من قطاعات الطاقة والموارد الطبيعية، مما يجعلها جسراً بين نموذج الثراء التقليدي في أوروبا ونمو آسيا.
ثالثاً: الثروات المركزة في الجنوب
تظهر قارتا أمريكا الجنوبية وأفريقيا نمطاً مختلفاً من الثراء، يتميز بالتركيز الشديد في قطاعات ومناطق جغرافية محدودة:
ثراء الموارد الأفريقي:
يتميز الثراء في أفريقيا بأنه شديد التركيز، حيث يتصدر أليكو دانغوتي من نيجيريا القائمة، معتمداً بشكل كبير على قطاعات الإسمنت وتكرير النفط. كما تساهم جنوب أفريقيا ومصر والمغرب في قائمة القارة، بثروات مرتبطة غالباً بالتصنيع والموارد الطبيعية والخدمات المالية.
التقلب في أمريكا الجنوبية:
تقود أمريكا الجنوبية البرازيل في عدد المليارديرات، ويتصدرها إدواردو سافيرين (الشريك المؤسس لفيسبوك)، مما يبرز تأثيراً كبيراً للتقنية، إلى جانب ثروات أخرى نابعة من قطاعات السلع الأولية والتجارة. ومع ذلك، تُظهر القارة تبايناً وتقلبات ناتجة عن عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في بعض الدول.
مستقبل الثراء: ليس مجرد أرقام
إن ما يثبته هذا الترتيب ليس مجرد حجم الثروات، بل نوعها. فالثراء في أمريكا الشمالية يدور حول "رأس المال المعرفي" والابتكار غير الملموس، بينما في الشرق والجنوب يرتبط إلى حد كبير بالبنية التحتية والتحكم في الموارد الأولية والأسواق الاستهلاكية الكبيرة.
تحدي الارتفاع الآسيوي
على الرغم من أن أمريكا الشمالية لا تزال تتربع على عرش الثراء، إلا أن معدل نمو الثروات في آسيا يمثل التحدي الأكبر لـ "النموذج الغربي". فبينما يضيف الغرب ثروات بمليارات الدولارات، يضيف الشرق مئات المليارديرات الجدد، مما يغير تدريجياً توازن القوة الاقتصادية العالمية.
تحول الثقل الاقتصادي
هذه الأرقام تضع الثروة الفردية في سياقها الأوسع كمرآة للتحولات الجيوسياسية والاقتصادية. إن استمرارية هيمنة الشمال تعتمد على قدرته على الحفاظ على الابتكار، في حين أن قدرة الجنوب والشرق على تحويل النمو السكاني والاقتصادات النامية إلى ثروات مستدامة هي ما سيحدد شكل خريطة أغنياء العالم لعقود قادمة.
جدول ملخص لأغنى شخص في كل قارة وتوزيع المليارديرات (2025)
| القارة | أغنى شخص (البلد) | المصدر الرئيسي لثروة الأغنى | أكبر دولة في القارة من حيث عدد المليارديرات |
| أمريكا الشمالية | إيلون ماسك (الولايات المتحدة) | التكنولوجيا (Tesla, SpaceX) | الولايات المتحدة (902) |
| آسيا | موكيش أمباني (الهند) | متنوع (Reliance Industries) | الصين (450) |
| أوروبا | برنارد أرنو (فرنسا) | الأزياء والرفاهية (LVMH) | ألمانيا (171) |
| أمريكا الجنوبية | إدواردو سافيرين (البرازيل) | التكنولوجيا (Meta Platforms) | البرازيل (56) |
| أفريقيا | أليكو دانغوتي (نيجيريا) | الصناعة والموارد (Cement) | جنوب أفريقيا (7) / نيجيريا (4) |
المصادر
- Forbes 2025 Billionaires List - The Richest People In The World Ranked
- Visualized: Every Country's Richest Billionaire in 2025 - Visual Capitalist
- Forbes Billionaires: Africa's Richest People 2025
- List of countries by number of billionaires - Wikipedia