هيمنة الفيديو القصير: إحصائيات الاستهلاك اليومي 2025

هيمنة الفيديو القصير: إحصائيات الاستهلاك اليومي 2025

لقد غير الفيديو القصير مفهوم "المحتوى الناجح"، إذ لم تعد الجودة التقنية الفائقة هي المعيار الوحيد، بل أصبحت الأصالة والقدرة على إيصال الرسالة فورًا هما العملة السائدة.

يشهد المشهد الرقمي تحولًا زلزاليًا لا يمكن تجاهله، حيث تحولت أنظار المليارات من المستخدمين عبر العالم إلى شاشة الهاتف العمودية، ليصبح الفيديو القصير ظاهرة مهيمنة بكل المقاييس. لم يعد هذا النمط مجرد صيحة عابرة، بل بات الهيكل الأساسي الذي يقوم عليه استهلاك المحتوى على الإنترنت، في استجابة مباشرة لتناقص معدلات انتباه المستخدمين والبحث عن المعلومات والترفيه بـ "جرعات" سريعة ومكثفة. تشير التوقعات والإحصائيات الخاصة بعام 2025 إلى أن هذه الهيمنة قد رسخت أقدامها بعمق، لتشكل تحديًا مباشرًا للشكل التقليدي للمحتوى الطويل.

تؤكد البيانات العالمية الصادرة عن مؤسسات بحثية كبرى أن المحتوى المرئي سيستحوذ على ما يقرب من 82% من إجمالي حركة الإنترنت بحلول عام 2025. وفي قلب هذه النسبة يتربع الفيديو القصير، الذي ينجح في جذب المستخدمين بفاعلية غير مسبوقة. هذا الأمر دفع منصات التواصل الاجتماعي العملاقة إلى إعادة هيكلة خوارزمياتها بالكامل لتعطي الأولوية لـ "المقاطع القصيرة"، مما حوّل تجربة التصفح اليومية إلى تدفق لا نهائي من الدقائق القليلة والمصممة للإدمان.

يهدف هذا المقال إلى تحليل الإحصائيات الأكثر أهمية حول استهلاك الفيديو القصير لعام 2025، مركزًا على معدلات الاستخدام اليومي عبر المنصات الرئيسية مثل "تيك توك" و"يوتيوب شورتس" و"إنستغرام ريلز"، ومسلطًا الضوء على الأثر العميق لهذه التحولات على سلوك المستهلك واستراتيجيات التسويق العالمية.

تيك توك يقود سباق الدقائق: معدلات الاستهلاك اليومي

يظل تيك توك (TikTok) الرائد بلا منازع في معركة الهيمنة على وقت المستخدمين اليومي. فبحسب الإحصائيات، يبلغ متوسط ما يقضيه المستخدم العالمي على المنصة حوالي 95 دقيقة يوميًا، مما يجعلها المنصة الأكثر استهلاكًا للوقت مقارنة بجميع تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى. هذا الرقم لا يقتصر على مجرد الترفيه، بل يعكس تحول المنصة إلى مصدر أساسي للاكتشاف والتعلم والتسوق، خاصة بين الفئات العمرية الأصغر.

ويعتبر الجيل Gen Z (الجيل زد) هو المحرك الرئيسي لهذا المعدل القياسي، حيث تشير بيانات عام 2025 إلى أن المراهقين في الولايات المتحدة يقضون ما معدله ساعة و53 دقيقة يوميًا على التطبيق. هذا الاستهلاك المرتفع ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج خوارزمية شديدة الذكاء تتميز بالقدرة الفائقة على التنبؤ باهتمامات المستخدمين وتقديم محتوى شخصي للغاية، مما يطيل من مدة الجلسة الواحدة التي تتجاوز الـ 10 دقائق في كثير من الأحيان.

حرب المنصات: هيمنة ثلاثية الأبعاد

أجبر النجاح الساحق لنموذج الفيديو القصير المنصات الأخرى على الدخول في منافسة شرسة للاستحواذ على دقائق المستخدمين اليومية، مما أدى إلى ظهور ما يسمى بـ "الهيمنة الثلاثية" التي تقودها أدوات مشابهة. يوتيوب شورتس (YouTube Shorts)، على سبيل المثال، يتباهى بتحقيق أكثر من 50 مليار مشاهدة يوميًا، مستفيدًا من القاعدة الجماهيرية الواسعة لقناة يوتيوب الرئيسية وخوارزمية البحث القوية. في المقابل، يمثل إنستغرام ريلز (Instagram Reels) الأداة الأكثر فعالية لزيادة الوصول والمشاركة على منصة إنستغرام.

وتشير بيانات حصص السوق (من حيث تفضيل المستخدم لاستهلاك الفيديو القصير) إلى استمرار تفوق المنصة الرائدة، بينما تتقاسم المنصات المنافسة المراكز التالية. ولا يمكن تجاهل أن سر نجاح هذا النوع من المحتوى يكمن في فاعليته، إذ تتلقى مقاطع الفيديو القصيرة معدل تفاعل يزيد بمقدار 2.5 مرة عن محتوى الفيديو الطويل، وهو ما جعل 66% من المستهلكين يعتبرونه الشكل الأكثر جاذبية للمحتوى بشكل عام.

المنصةحصة السوق التقديرية (تفضيل الاستهلاك)متوسط الاستخدام اليومي التقريبي (الأفراد)
تيك توك (TikTok)40%95 دقيقة (المتوسط العالمي)
يوتيوب شورتس (YouTube Shorts)20%(مدمج ضمن يوتيوب: 50+ مليار مشاهدة يوميًا)
إنستغرام ريلز (Instagram Reels)20%(جزء كبير من وقت إنستغرام)

فيديو أقل.. عائد أكبر: الأثر التسويقي

تجاوزت هيمنة الفيديو القصير حدود الترفيه لتصبح الركيزة الأساسية لاستراتيجيات التسويق الرقمي. في عام 2025، صرّح 85% من المسوقين بأنهم يرون أن الفيديو القصير هو الشكل الأكثر فاعلية للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تأكيد 90% منهم على تحقيق عائد إيجابي من الاستثمار في الفيديو بشكل عام. هذا الاعتراف بالقوة التسويقية يعكس حقيقة أن المستهلكين يفضلون تعلم المزيد عن المنتجات والخدمات عبر هذا الشكل السريع والمباشر.

وقد انعكس هذا التحول بشكل مباشر على الإنفاق الإعلاني؛ حيث من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على إعلانات الفيديو القصير إلى ما يقارب 111 مليار دولار أمريكي في عام 2025، وهو دليل قاطع على القيمة التجارية الهائلة التي يمثلها هذا النمط من المحتوى. فبدلاً من ميزانيات الإنتاج الضخمة للإعلانات الطويلة، تركز العلامات التجارية الآن على محتوى أصيل وقابل للمشاركة وموجز، مما يحقق نتائج ملموسة في بناء الوعي وتحقيق المبيعات.

ما وراء الـ 60 ثانية: مستقبل الاستهلاك

في ضوء هذه المؤشرات والأرقام الضخمة، يتضح أن ظاهرة الفيديو القصير ليست مجرد مرحلة عابرة، بل هي تحول هيكلي دائم في طريقة استهلاكنا للوقت والمحتوى عبر الإنترنت. إنها تُمثّل انتصارًا لثقافة السرعة والكثافة، وتدفع المنصات والشركات إلى الابتكار المستمر لخطف انتباه المستخدم في الثواني القليلة الأولى.

لقد غير الفيديو القصير مفهوم "المحتوى الناجح"، إذ لم تعد الجودة التقنية الفائقة هي المعيار الوحيد، بل أصبحت الأصالة والقدرة على إيصال الرسالة فورًا هما العملة السائدة. ويبقى السؤال المطروح هو كيف ستستمر المنصات في الموازنة بين النمو الهائل في وقت الاستهلاك والحفاظ على رفاهية المستخدم الرقمية في ظل هذا التدفق المستمر.

إن هذا التطور يفتح الباب أمام موجة جديدة من الابتكار، لا سيما مع دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) في صناعة المحتوى، وظهور ميزات التجارة الاجتماعية (Social Commerce) المدمجة في المقاطع القصيرة. هذه الأدوات المستقبلية ستجعل رحلة المستخدم من المشاهدة إلى الشراء أسرع وأكثر سلاسة، مؤكدة أن "الدقيقة" في عالم الفيديو القصير هي الأغلى والأكثر قيمة على الإطلاق.

المصادر

  1. Demand Sage: (93 Video Marketing Statistics 2025)
  2. Exploding Topics: (Average Time Spent on TikTok Statistics 2025)
  3. Search Engine Journal: (Short-Form Video Dominance: The Future Of Engagement In Social Media)
  4. Yaguara: (20 Short Form Video Statistics 2025 (Usage & Trends))
  5. Sendshort.ai: (Short-Form Video: Industry Statistics 2025)