كيف تتغير خريطة الوظائف في الخليج مع صعود الذكاء الاصطناعي (2025)

تُعد دول مجلس التعاون الخليجي في طليعة الدول التي تتبنى استراتيجيات وطنية طموحة للذكاء الاصطناعي، مدفوعة بالرغبة في تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط وخلق اقتصاد معرفي مستدام. هذا التبني السريع، خاصة في السعودية والإمارات وقطر، لا يُغير فقط طريقة عمل الشركات، بل يُعيد تشكيل خريطة الوظائف بالكامل، خالقاً وظائف جديدة لم تكن موجودة سابقاً ومُتسبباً في تغيير جذري لمتطلبات وظائف قائمة.

في عام 2025، تتجه الشركات الكبرى في قطاعات البنوك والطاقة والرعاية الصحية نحو الأتمتة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتقليل الحاجة إلى المهام الروتينية المتكررة. هذا التحول يعني أن المهارات التقنية لم تعد ميزة إضافية، بل أصبحت متطلباً أساسياً في معظم المجالات.

التحدي الأكبر الذي يواجه سوق العمل في الخليج الآن هو إعادة تدريب (Reskilling) وتنمية مهارات (Upskilling) القوى العاملة الوطنية والأجنبية. تدرك الحكومات والقطاع الخاص أن نجاح هذه الثورة التكنولوجية يتوقف على مدى جاهزية رأس المال البشري للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

هذا التحليل يستعرض أهم الوظائف التي ستشهد طلباً متزايداً، وتلك التي ستتأثر بالأتمتة، بالإضافة إلى المهارات التي يجب على الأفراد اكتسابها للبقاء في الطليعة بسوق العمل الخليجي في عام 2025.

• ربما يهمك: اتجاهات الاستثمار الفردي في التقنيات الجديدة 2025

التغييرات المحورية في خريطة الوظائف

وظائف المستقبل: طلب متزايد على مطوري الذكاء الاصطناعي والبيانات
تتركز أعلى معدلات الطلب في عام 2025 على الوظائف المتخصصة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته:

• علماء البيانات (Data Scientists) ومهندسو البيانات: لتحليل وتفسير الكميات الهائلة من البيانات التي تغذي نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصة في قطاعات التمويل والطاقة الذكية.
• مهندسو الذكاء الاصطناعي التوليدي: وظائف متخصصة في تطوير نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) وتخصيصها للغة العربية والبيانات المحلية.
• أخصائيو أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Specialists): لضمان أن تكون تطبيقات الذكاء الاصطناعي عادلة وشفافة ومتوافقة مع القوانين المحلية.

الوظائف الأكثر عرضة للأتمتة والتحول
المهام الروتينية والمعتمدة على المعاملات الورقية أو إدخال البيانات هي الأكثر عرضة للتغيير.

• قطاع الخدمات المالية: وظائف إدخال البيانات، ومعالجة المطالبات الأساسية، وخدمة العملاء الروتينية في البنوك.
• قطاع الموارد البشرية (HR): مهام فرز السير الذاتية وتنسيق المواعيد الأساسية.
• الوظائف الإدارية الروتينية: تتولى روبوتات الذكاء الاصطناعي أتمتة إعداد التقارير وتحليل المستندات.

صعود الوظائف الإنسانية والتفاعلية

يرتفع الطلب على الوظائف التي تعتمد على المهارات البشرية المعقدة التي يصعب على الآلة تقليدها، مما يرفع من قيمة هذه الوظائف:

• مديرو تجربة العملاء (Customer Experience Managers): التركيز على حل المشكلات المعقدة وبناء العلاقات الشخصية مع العملاء.
• المبدعون والمصممون (Creatives): استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتسريع عملية الإنتاج، لكن الحاجة إلى الرؤية الإبداعية والتفكير النقدي تزداد.
• المدربون والمختصون في إعادة تأهيل المهارات: لتدريب القوى العاملة على الأدوات الجديدة.

المهارات الأكثر طلباً في سوق العمل الخليجي (2025)

بناء مستقبل العمل: الاندماج وليس الإحلال

التغيرات في خريطة الوظائف بالخليج مع صعود الذكاء الاصطناعي تُرسخ قناعة بأن هذا التحول هو عملية اندماج (Augmentation) وليس إحلال (Replacement). فبينما يتم أتمتة الوظائف الروتينية، تُخلق وظائف جديدة تتطلب مستوى أعلى من المهارات التقنية والبشرية. نجاح دول الخليج في هذا المسار يعتمد على استمرار الاستثمار في التعليم والتدريب لتحويل التحدي التكنولوجي إلى فرصة للريادة الاقتصادية والتوظيف.

المصادر

1. [1] WEF (World Economic Forum) - Future of Jobs Report (Focusing on the MENA region and skill gaps):
   • https://www.weforum.org/reports/future-of-jobs-report-2023/
2. [2] McKinsey Global Institute - Jobs and Automation in the Middle East (Quantifying AI impact on sectors):
   • https://www.mckinsey.com/mgi/overview/in-the-news/automation-and-jobs-in-the-middle-east
3. [3] IDC (International Data Corporation) - Middle East IT Spending and Skills Demand Forecasts 2025:
   • https://www.idc.com/mena