كيف تؤثر المنصات العالمية على تشكيل الذوق الثقافي للشباب الخليجي

شهدت منطقة الخليج العربي تحولاً ثقافياً واجتماعياً متسارعاً في العقد الأخير، مدفوعاً بزيادة انفتاح المجتمع، والانتشار الواسع للإنترنت فائق السرعة، والاعتماد شبه الكلي على الهواتف الذكية. هذا المزيج خلق بيئة مثالية لنمو وتأثير المنصات العالمية العملاقة مثل تيك توك (TikTok)، ويوتيوب (YouTube)، ونيتفليكس (Netflix)، التي أصبحت البوابة الرئيسية للشباب الخليجي للاطلاع على الثقافات وأنماط الحياة من مختلف أنحاء العالم.

في عام 2025، لم تعد هذه المنصات مجرد أدوات ترفيهية، بل تحولت إلى مُشَكِّل رئيسي للذوق الثقافي والفني والاجتماعي للجيل الجديد. فبدلاً من الاعتماد على مصادر الإعلام المحلية التقليدية فقط، أصبح الشباب يتلقون "جرعات" يومية مكثفة من المحتوى العالمي الذي يعرض قيماً ومفاهيم جديدة حول الموضة، والموسيقى، وفنون الطهي، وحتى القضايا الاجتماعية.

يكمن التحدي في كيفية الموازنة بين هذا الانفتاح الثقافي العالمي والحفاظ على الهوية والقيم المحلية الأصيلة. هذا التوازن هو جوهر النقاش المجتمعي والإعلامي في دول الخليج، التي تسعى لتعزيز هويتها الوطنية بالتوازي مع تبنيها للتكنولوجيا الحديثة.

هذا التحليل يستعرض ثلاثة محاور رئيسية لتأثير المنصات العالمية على الذوق الثقافي للشباب الخليجي في عام 2025، وكيف تتم إعادة تعريف مفهوم "المحتوى الجذاب" محلياً.

• ربما يهمك: هل يستطيع الجيل الجديد من التقنيين السعوديين منافسة وادي السيليكون؟

محاور التشكيل الثقافي وتأثير المنصات

توحيد الذوق الفني والموسيقي العالمي (Globalized Aesthetics)
أصبح الوصول الفوري إلى قوائم الأغاني العالمية وتحديات الرقص (Dance Challenges) على تيك توك عاملاً حاسماً في تشكيل الذوق الموسيقي للشباب.

التأثير: زاد الإقبال على الموسيقى العالمية (K-Pop، Pop، Trap) بشكل كبير، مما دفع الفنانين والموسيقيين المحليين إلى دمج الإيقاعات العربية التقليدية بالعناصر العالمية للحفاظ على قدرتهم التنافسية والوصول إلى قاعدة جماهيرية واسعة. هذا الاندماج الثقافي أدى إلى ظهور نمط موسيقي خليجي جديد أكثر حداثة.

صعود "ثقافة المراجعات" والتأثير على أنماط الاستهلاك
الاعتماد على المؤثرين وصناع المحتوى على يوتيوب وإنستغرام لمراجعة المنتجات والمطاعم وتجارب السفر، غيّر من قرارات الشراء بشكل جذري.

التأثير: أصبح الذوق في الموضة والطهي والسفر أكثر توجهاً نحو التجريب والابتكار. يفضل الشباب المطاعم التي تقدم "تجارب" جديدة أو غير تقليدية، والماركات التي تحاكي الأنماط العالمية. كما أدى هذا إلى ظهور "المؤثرين" و "الفاشن بلوجرز" السعوديين والخليجيين الذين يمزجون بين الأناقة العالمية والحشمة المحلية، مما يخلق صيحات فريدة.

زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية وتنوع وجهات النظر
تعرض المنصات العالمية الشباب الخليجي لمجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والحوارات العالمية التي ربما لم تكن متاحة بسهولة في القنوات الإعلامية المحلية.

التأثير: شجع هذا على المزيد من النقاشات المفتوحة حول قضايا مثل الصحة النفسية، وأساليب الحياة المتنوعة، والمساواة، مما يساهم في تشكيل جيل أكثر وعياً بالتحديات العالمية وأكثر قدرة على التعبير عن آرائه. هذا التفاعل يغذي رغبة الشباب في رؤية حلول محلية مبتكرة مستوحاة من التجارب العالمية.

المحتوى الأكثر تأثيراً على الذوق الثقافي للشباب الخليجي (2025)

الهوية الثقافية: إثراء بالانفتاح لا ذوبان

تأثير المنصات العالمية على تشكيل الذوق الثقافي للشباب الخليجي يُرسخ قناعة بأن الانفتاح على العالم ليس بالضرورة طريقاً إلى الذوبان الثقافي، بل هو عملية إثراء.

فبالرغم من تبني الأنماط العالمية، يظل هناك فهم عميق وتقدير للهوية المحلية والقيم الإسلامية. التحدي الحقيقي هو في تمكين الشباب من استخدام هذه المنصات كأدوات للتعبير عن ثقافتهم وهويتهم الخاصة للعالم، بدلاً من الاكتفاء بدور المتلقي.

المصادر

1. [1] Arab Youth Survey - Annual Report on Media Consumption and Cultural Influences in the MENA region:
   • يتم الرجوع إليه لتحديد المنصات الأكثر تأثيراً في تشكيل الآراء والقيم.
2. [2] Statista - Social Media Penetration and Usage by Platform in GCC Countries (Focus on TikTok and Instagram):
   • https://www.statista.com/topics/6990/social-media-in-the-middle-east/
3. [3] McKinsey & Company - Consumer and Digital Insights in the GCC (Analyzing spending on leisure, fashion, and media):
   • https://www.mckinsey.com/
4. [4] Pew Research Center - Global Trends in Digital Media Consumption and Youth Engagement:
   • يتم الرجوع إليه للمقارنات العالمية في أنماط استهلاك الأخبار والمحتوى الترفيهي.