هل يُشكل كبار السن عبئاً أم ثروة للاقتصاد العالمي؟

هل يُشكل كبار السن عبئاً أم ثروة للاقتصاد العالمي؟

بينما يرى البعض أن هذه الظاهرة تُشكل عبئاً على أنظمة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، تُظهر الأرقام أنهم قوة اقتصادية تُساهم بشكل كبير في دفع عجلة النمو

تُعد شيخوخة السكان أحد أبرز التحولات الديموغرافية في القرن الحادي والعشرين، حيث تتزايد أعداد كبار السن بسرعة غير مسبوقة.

بينما يرى البعض أن هذه الظاهرة تُشكل عبئاً على أنظمة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، تُظهر الأرقام أنهم قوة اقتصادية تُساهم بشكل كبير في دفع عجلة النمو. هذا المقال يستعرض الأرقام الحقيقية وراء هذا التساؤل الجوهري.

تحول ديموغرافي: أرقام قياسية في عدد كبار السن

لم تعد شيخوخة السكان ظاهرة مقتصرة على الدول المتقدمة، بل أصبحت حقيقة عالمية تؤثر على جميع المجتمعات. تُشير التقديرات إلى أن:

عدد كبار السن: في عام 2025، سيصل عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً إلى حوالي 900 مليون شخص حول العالم، وهذا الرقم يُمثل حوالي 12% من إجمالي سكان الكوكب.

  • النمو المتوقع: تُشير التوقعات إلى أن هذا العدد سيتضاعف ليصل إلى 1.6 مليار شخص بحلول عام 2050، مما يُشكل تحدياً وفرصة في الوقت ذاته.
  • متوسط العمر: في عام 2025، وصل متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى حوالي 74.5 سنة، وهو ما يعني أن الأفراد يعيشون لفترة أطول ويحتاجون إلى رعاية صحية ودعم مستمرين.

الاقتصاد الفضي: قوة شرائية لا يُستهان بها

على عكس الاعتقاد الشائع، فإن كبار السن ليسوا مجرد مستهلكين للخدمات، بل هم قوة اقتصادية تُعرف باسم "الاقتصاد الفضي". تُظهر الأرقام أن هذه الفئة تتمتع بقوة شرائية هائلة واستعداد للإنفاق على جوانب مختلفة من الحياة.

  • قيمة الاقتصاد الفضي: يُتوقع أن يصل حجم "الاقتصاد الفضي" إلى 25 تريليون دولار أمريكي في عام 2025، وهو ما يُشير إلى أن احتياجات كبار السن تُشكل سوقاً هائلاً.
  • الإنفاق: يُعد كبار السن من الفئات الأكثر إنفاقاً على الرعاية الصحية، والسفر، والأنشطة الترفيهية، والمنازل الذكية. هذا الإنفاق يُحفز نمو قطاعات جديدة ويخلق فرص عمل.
  • المساهمة في سوق العمل: في كثير من الدول، يُواصل كبار السن العمل بعد سن التقاعد، سواء كمستشارين، أو عاملين لحسابهم الخاص، مما يُساهم في الاقتصاد بخبراتهم ومهاراتهم.

تحديات وفرص: الرعاية الصحية وسوق العمل

رغم أن كبار السن يُمثلون ثروة اقتصادية، فإن تزايد أعدادهم يُقدم تحديات حقيقية، خاصة في مجالي الرعاية الصحية وسوق العمل.

1- تكاليف الرعاية الصحية: تُشير الإحصائيات إلى أن تكاليف الرعاية الصحية للمسنين تُشكل عبئاً متزايداً على الحكومات وأنظمة التأمين الصحي، حيث يُنفق الشخص الذي يزيد عمره عن 65 عاماً ما يصل إلى 3 أضعاف ما يُنفقه الشباب على الرعاية الطبية.

2- تغيرات سوق العمل: تُواجه بعض الدول تحديات في نقص العمالة الشابة، مما يجعلها بحاجة إلى الاستفادة من خبرات كبار السن في سوق العمل، سواء عبر برامج التقاعد المرنة أو تشجيع العمل الجزئي.

جدول يوضح أرقام "الاقتصاد الفضي" (تقديرات 2025)

المؤشرالرقم التقديري في 2025ملاحظات
عدد الأشخاص فوق 65 عاماً900 مليون شخص12% من سكان العالم
قيمة "الاقتصاد الفضي"25 تريليون دولار أمريكيسوق متنامي يشمل سلعاً وخدمات
متوسط إنفاق كبار السن على الرعاية الصحية3 أضعاف الشبابيُشكل تحدياً على أنظمة التأمين
نسبة كبار السن الذين يعملون20% في الدول المتقدمةيساهمون بالخبرة في سوق العمل

مستقبل مستدام: نحو مجتمع يستفيد من خبرات كبار السن

تُظهر أرقام 2025 أن المجتمعات التي ستزدهر في المستقبل هي تلك التي تنظر إلى شيخوخة سكانها كفرصة لا كتحدٍ. إن الاستثمار في تقنيات الرعاية الصحية الذكية، وتطوير برامج تقاعد مرنة، وتشجيع مشاركة كبار السن في سوق العمل والأنشطة الاجتماعية، هي خطوات أساسية نحو بناء مجتمع أكثر استدامة.

فبدلاً من النظر إلى كبار السن كعبء، يمكن اعتبارهم مصدراً للخبرة، والحكمة، والقوة الاقتصادية التي تُثري المجتمع ككل.

مصادر المقال: