
أعلى الدول إنفاقاً على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 2025
تُظهر البيانات أن الإنفاق المرتفع يُعزز من نوعية المعلمين، ويُحسن من البنية التحتية، ويُقلل من نسبة الطالب إلى المعلم، مما يُترجم إلى نتائج تعليمية أفضل.
يُعد الإنفاق الحكومي على التعليم كمؤشر لنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) المقياس الأكثر دقة لالتزام أي دولة تجاه مستقبلها. هذا الرقم لا يُعبر عن حجم الإنفاق المطلق، بل يُبين مدى أولوية التعليم مقارنةً بحجم الاقتصاد الكلي للبلاد. الدول التي تُخصص نسبة عالية من ناتجها المحلي الإجمالي لهذا القطاع تُرسل رسالة واضحة حول إيمانها بأن رأس المال البشري هو الاستثمار الأكثر ربحية على المدى الطويل.
تُظهر الإحصائيات العالمية أن الدول التي تتصدر هذه القائمة غالباً ما تكون تلك التي تتبنى نماذج رعاية اجتماعية قوية أو تلك التي وضعت هدفاً وطنياً لمحو الأمية وتحسين جودة التعليم لمواطنيها. هذا الالتزام المالي هو الأساس الذي يُبنى عليه النجاح التعليمي والاجتماعي.
يُقدم هذا المقال تحليلاً لأعلى الدول إنفاقاً على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بناءً على أحدث الإحصائيات العالمية المتاحة (والتي تعكس الاتجاهات المعتمدة لعام 2025)، مع استعراض الأرقام التي تُبرهن على هذا التخصيص الاستراتيجي.
1. القمم الإسكندنافية: الإنفاق الاجتماعي كأولوية
تتصدر دول الشمال الأوروبي قائمة الإنفاق، حيث يُشكل التعليم جزءاً لا يتجزأ من نموذج الدولة الاجتماعية الشاملة.
- النرويج وآيسلندا: تُسجل دول الشمال الأوروبي، مثل النرويج وآيسلندا، معدلات إنفاق عالية بشكل مستمر، حيث تتجاوز النسبة في بعض السنوات 7% من الناتج المحلي الإجمالي. ويرجع هذا الإنفاق السخي إلى التزام هذه الدول بتوفير تعليم مجاني وعالي الجودة للجميع، بما في ذلك التعليم العالي، مما يضمن تكافؤ الفرص.
- الدنمارك والسويد: تتبع دول مثل الدنمارك والسويد هذا النهج، مُركزة على التمويل القوي للمدارس العامة، ورواتب المعلمين المرتفعة، والبنية التحتية التعليمية الحديثة.
2. دول تُعطي الأولوية: نماذج من حول العالم
تُسجل بعض الدول النامية والدول ذات الاقتصادات الأصغر أرقاماً مرتفعة جداً، مما يدل على أن حجم الاقتصاد ليس العامل الوحيد.
- دول أفريقية مختارة: تُظهر بعض الدول في إفريقيا جنوب الصحراء، التزاماً قوياً جداً، حيث تضع التعليم كأولوية قصوى لمكافحة الفقر. فعلى سبيل المثال، قد تصل نسبة الإنفاق في دول مثل ليسوتو أو بوتسوانا إلى معدلات مرتفعة للغاية (تتراوح بين 8% و 13% في بعض السنوات). ويُعزى هذا إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي الصغير وحجم التحدي التعليمي الكبير.
- كوبا: تُعد كوبا مثالاً لدولة تضع التعليم في مقدمة أولوياتها الوطنية، حيث غالباً ما تُسجل أرقاماً تتجاوز 12% من ناتجها المحلي الإجمالي على التعليم، مما يُظهر التزاماً حكومياً غير مسبوق.
3. تحليل النسبة المئوية: ما وراء الأرقام
إن ارتفاع هذه النسبة المئوية يُترجم إلى استثمارات ملموسة تُحسن من جودة التعليم.
- المعلمون: يُساهم الإنفاق العالي في توفير رواتب تنافسية للمعلمين، مما يجذب أفضل الكفاءات المهنية ويُقلل من نسبة ترك المهنة.
- التعليم المبكر: يُخصص جزء كبير من هذا الإنفاق لتمويل برامج رعاية الطفولة المبكرة والتعليم ما قبل المدرسي، وهي المرحلة الأكثر أهمية في بناء القدرات المعرفية للطفل.
جدول يوضح أعلى الدول إنفاقاً على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي
الترتيب | الدولة | الإنفاق الحكومي على التعليم (% من الناتج المحلي الإجمالي - تقريبي) | الملاحظة الرئيسية |
1 | كوبا | ~ 12.8% | التزام وطني مركزي بالتعليم |
2 | بوتسوانا | ~ 8.7% | أولوية وطنية للتنمية البشرية |
3 | آيسلندا | ~ 7.7% | نموذج الرفاهية الإسكندنافي والتعليم العالي المجاني |
4 | النرويج | ~ 7.4% | دعم شامل للتعليم في جميع المراحل |
ملاحظة: الأرقام هي تقديرات متوسطة وتعتمد على أحدث بيانات اليونسكو والبنك الدولي (2021-2023)، وهي الاتجاه السائد للإنفاق في هذه الدول.
بناء الـحصانة الوطنية
الدول التي تستثمر بسخاء في تعليم مواطنيها تُنشئ حصانة وطنية ضد التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وتُظهر أن تخصيص نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا القطاع هو قرار استراتيجي لضمان الاستدامة وتكافؤ الفرص.
تؤكد البيانات أن الإنفاق المرتفع يُعزز من نوعية المعلمين، ويُحسن من البنية التحتية، ويُقلل من نسبة الطالب إلى المعلم، مما يُترجم إلى نتائج تعليمية أفضل.
تُشكل هذه القائمة إشارة واضحة إلى المستقبل، حيث يُنظر إلى الاستثمار في التعليم على أنه أهم أشكال الأمن القومي، كونه يُولد جيلاً قادراً على الابتكار والمنافسة في اقتصاد عالمي قائم على المعرفة.