أعلى الدول في ريادة الأعمال النسائية

أعلى الدول في ريادة الأعمال النسائية

تشهد ريادة الأعمال النسائية تباينًا واضحًا بين الدول ذات الدخل المرتفع والدول متوسطة الدخل، حيث تسهم العوامل الاقتصادية والثقافية بشكل كبير في تحديد مدى نجاح المرأة في تأسيس مشاريعها الخاصة. وفقًا لدراسة أجرتها الرابطة العالمية لأبحاث ريادة الأعمال في 51 دولة، فإن النساء في الدول متوسطة الدخل مثل الإكوادور، غواتيمالا، الأردن، وتايلاند ينجحن في تأسيس مشاريعهن الخاصة أكثر من نظيراتهن في الدول ذات الدخل المرتفع. ومن المثير للاهتمام، تبرز المملكة العربية السعودية كحالة استثنائية بين الدول ذات الاقتصادات القوية، حيث سجلت معدلات مرتفعة من ريادة الأعمال النسائية.

في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الرئيسية التي تؤثر على مشاركة المرأة في ريادة الأعمال، مع التركيز على الفجوة بين الدول الغنية والنامية، ودور العوامل الثقافية والاقتصادية، إلى جانب تقديم تحليل مفصل للأرقام والإحصائيات العالمية حول هذا الموضوع.

نظرة على ريادة الأعمال النسائية في الدول ذات الدخل المرتفع

تظهر البيانات أن الدول الأوروبية المتقدمة مثل ألمانيا، السويد، وكوريا الجنوبية تسجل نسبًا منخفضة من ريادة الأعمال النسائية مقارنة بالدول في الأمريكيتين مثل الولايات المتحدة، كندا، وتشيلي. كما تسجل كل من الصين والهند في آسيا معدلات متواضعة لريادة الأعمال بين النساء، حيث بلغت نسبة رائدات الأعمال في الصين 4.9% فقط، بينما سجلت الهند 10.3%، وهي نسبة قريبة من المعدلات المسجلة في بعض الدول الأوروبية الغنية.

أسباب انخفاض ريادة الأعمال النسائية في الدول الغنية

هناك عدة عوامل تحد من انخراط النساء في ريادة الأعمال في الاقتصادات القوية:

  1. وفرة فرص العمل التقليدية: توفر الوظائف ذات الرواتب الجيدة والمزايا العديدة في الدول المتقدمة يجعل النساء أقل ميلًا للمخاطرة بإنشاء مشاريع خاصة.
  2. الفجوة بين الجنسين في التمويل: رغم التقدم الحاصل، لا تزال النساء يواجهن صعوبة في الحصول على التمويل والاستثمارات مقارنة بالرجال.
  3. السياسات الضريبية والتنظيمية: قد تكون القوانين الصارمة والتعقيدات البيروقراطية من العوامل التي تعيق دخول المرأة إلى سوق الأعمال.
  4. التوازن بين الحياة العملية والشخصية: في بعض الدول، تتحمل النساء مسؤوليات أكبر في الحياة الأسرية، مما يؤثر على قدرتهن على بدء مشاريع تجارية.

الدول متوسطة الدخل وريادة الأعمال النسائية

على عكس الدول الغنية، تسجل الدول متوسطة الدخل معدلات أعلى لريادة الأعمال بين النساء. وتوضح الدراسة أن النساء في دول مثل المكسيك، البرازيل، وإندونيسيا ينجحن في إطلاق مشاريعهن بنسبة تفوق نظيراتهن في الدول الغنية.

لماذا تحقق النساء في الدول النامية نجاحًا أكبر في ريادة الأعمال؟

  1. الدافع الاقتصادي: تلعب الحاجة إلى تأمين مصدر دخل دورًا رئيسيًا في دفع النساء إلى دخول مجال ريادة الأعمال.
  2. غياب فرص العمل الرسمية: في بعض الدول، قد تكون الفرص الوظيفية للنساء محدودة، مما يدفعهن إلى إطلاق مشاريع خاصة.
  3. التكافل الاجتماعي والأسري: توفر بيئة داعمة في المجتمعات التقليدية قد يسهم في نجاح المشاريع النسائية الصغيرة.
  4. سهولة الوصول إلى الأسواق المحلية: في بعض الدول، تسهل القوانين والإجراءات الحكومية بدء المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

الفجوة بين الجنسين في ريادة الأعمال

على الرغم من أن الدول النامية تسجل نسبًا أعلى لريادة الأعمال بين النساء، فإن الفجوة بين الجنسين في هذا المجال تبدو أصغر مما هي عليه في الدول الغنية. ففي الاقتصادات المتقدمة، يكون عدد رواد الأعمال من الرجال أكبر بنسبة تتراوح بين 50% و100% من عدد النساء، بينما يكون الفرق أقل في الدول متوسطة الدخل.

دور العوامل الثقافية في ريادة الأعمال النسائية

تلعب العوامل الثقافية دورًا محوريًا في تحديد مدى انخراط النساء في ريادة الأعمال. على سبيل المثال، تعد كوريا الجنوبية نموذجًا لبلد تؤثر فيه الثقافة التقليدية على زيادة أعداد رائدات الأعمال، حيث أدى غياب تكافؤ الفرص للنساء في الوظائف الرسمية إلى دفع الكثيرات لبدء مشاريعهن الخاصة.

السعودية: استثناء بين الدول المتقدمة

تسجل المملكة العربية السعودية معدلات مرتفعة لريادة الأعمال النسائية، وهو ما يمكن تفسيره بعدة عوامل:

  1. الإصلاحات الاقتصادية: قدمت رؤية السعودية 2030 دعمًا كبيرًا لريادة الأعمال، خاصة بين النساء.
  2. تمكين المرأة: تعزيز دور المرأة في سوق العمل ساهم في تشجيعها على إطلاق مشاريعها الخاصة.
  3. دعم الحكومة: توفر المملكة العديد من الحوافز مثل القروض الميسرة وبرامج دعم المشاريع الناشئة.

تحليل بيانات ريادة الأعمال النسائية حول العالم

وفقًا لإحصائيات الرابطة العالمية لأبحاث ريادة الأعمال:

  • أمريكا اللاتينية تسجل أعلى نسب لرائدات الأعمال، حيث تتراوح بين 15% و20%.
  • في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تتراوح النسبة بين 5% و15%، مع تصدر السعودية والإمارات القائمة.
  • في أوروبا الغربية، تتراوح نسبة ريادة الأعمال النسائية بين 5% و10%.
  • في آسيا المتقدمة، لا تتجاوز النسبة 5% في بعض الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

استنتاج

تؤكد هذه الدراسة أن ريادة الأعمال النسائية ليست مجرد مؤشر على التقدم الاقتصادي، بل تعكس طبيعة سوق العمل ومدى توافر الفرص للنساء. في الدول متوسطة الدخل، تلعب الضرورة الاقتصادية دورًا في دفع النساء نحو تأسيس مشاريعهن، بينما في الدول الغنية، تظل الفرص التقليدية في سوق العمل عائقًا أمام دخول مزيد من النساء إلى عالم ريادة الأعمال.