
عدد الشركات العالمية التي أسست مقارا في المملكة والقطاعات التي تعمل فيها والمدن التي اختارتها

أكد تحليل بيانات حصل عليها مركز (لام للأبحاث والدراسات) التابع لشركة (مال الإعلامية الدولية) من وزارة الاستثمار حول البرنامج السعودي لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية (RHQ)، جاذبية الاقتصاد السعودي وتطور بيئة الأعمال والتشريعات لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وكذلك الجهود التي بذلتها وزارة الاستثمار في تعزيز تنافسية البيئة الاستثمارية في المملكة ووضع الأطر اللازمة لذلك، الأمر الذي كان له انعكاس إيجابي على زيادة عدد الشركات التي أسست مقاراً لها في المملكة بنهاية 2024م، حيث تجاوز عدد الشركات بنهاية عام 2024م مستهدف العام 2030م بنسبة تصل إلى 14.2%، فوفقاً للبيانات بلغ عدد الشركات العالمية التي حصلت على تراخيص لفتح مقراتها الاقليمية في المملكة حتى نهاية العام الماضي 2024م 571 شركة تتضمن 39 جنسية مختلفة والواقعة في 15 قطاعاً، متجاوزاُ بذلك مستهدف 2030م الذي يبلغ 500 شركة.
تظهر بيانات وزارة الاستثمار ارتفاع وتيرة أعداد الشركات العالمية التي استقطبتها السعودية لتأسيس مقر ىات قفز في العام 2023م إلى 280 شركة، أي بزيادة 199 شركة وبنسبة ارتفاع 246%. وفي العام 2024م واصل العدد في الارتفاع ليتضاعف إلى 571 شركة، أي بزيادة 291 شركة وبمعدل أكثر من 100%. وبالتالي فإن العدد تضاعف في الثلاثة سنوات الأخيرة إلى 6 مرات، أي بقفزة وصل معدلها إلى 600%. هذا في الوقت الذي تزداد فيه الطموحات والآفاق الجديدة لتحقيق قفزات أكبر بعد فوز المملكة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2034 و”أكسبو 2030″.
ويؤكد وصول عدد الشركات العالمية التي اعتمدت المملكة العربية السعودية مقراً إقليمي لها إلى 571 شركة النجاح الكبير للبرنامج الذي تم إنشاؤه في العام 2021م. حيث يقدم البرنامج مجموعة من الحوافز منها حوافز لاستقطاب الكفاءات العالمية وحوافز ضريبية وغيرها من الحوافز.
تجاوز عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية بنهاية عام 2024م مستهدف 2030 بنسبة 14.2%
يعكس تجاوز عدد المقرات بنهاية عام 2024م مستهدف العام 2030م بنسبة 14.2%، وقبل الموعد بـ 6 سنوات، جاذبية السوق السعودي للشركات العالمية. فمنذ إطلاق رؤية السعودية 2030 أصبحت المملكة العربية السعودية محط انظار للشركات العالمية، إذ رسمت برامج وسياسات الرؤية المستقبل الواعد للسوق السعودي في كافة المجالات، وقادت أكبر وأسرع عملية تطوير وتغير تشهدها المجتمعات في التاريخ الحديث.
العاصمة الرياض في المقدمة
وفقا لبيانات وزارة الاستثمار فإن العاصمة السعودية الرياض استحوذت على ما يقارب من 90% من المقرات الإقليمية للشركات، حيث تفضل الشركات الكبرى في العالم قربها من صناع القرار لفتح مقراتها الرئيسية. ولا يعني ذلك اقتصار أعمال تلك المقرات على العاصمة فحسب، بل تقوم تلك الشركات في الغالب بفتح مكاتباً تابعة لها في المناطق المتفرقة من الدولة، وفي حالة المملكة، ومع اتساع مساحتها والتنمية المتوازنة التي تنتهجها برامج الرؤية، باتت كافة المناطق السعودية مستهدفة من قبل الشركات العالمية.
واستحوذت المنطقة الغربية، ممثلة في مدينتي جدة وينبع على 5% من المقرات الإقليمية للشركات العالمية العاملة في المملكة، اي بنحو 30 شركة عالمية، وذلك في ضوء ما تشهده المنطقة الغربية حالياً من مشاريع كبرى مثل مشروع البحر الأحمر ومشروع تطوير وسط جدة وآمالا وغيرها من مشاريع تطويرية تتوزع على مختلف أرجاء المنطقة. ومن المتوقع ان تشهد المنطقة الغربية المزيد من استقطاب المقرات الاقليمية للشركات العالمية في قطاعات مثل اللوجستيات والتوزيع للوصول للأسواق العالمية من خلال مقراتها الاقليمية واستثماراتها في المملكة.
أما المنطقة الشرقية من المملكة، والمتمثلة في الدمام والخبر والظهران والجبيل، فاستحوذت بدورها أيضا على 5% من المقرات الإقليمية للشركات العالمية، حيث تمثل المنطقة الشرقية أحد أكبر الأذرع التنموية في السعودية في ضوء ما تتمتع به من تركز للمشاريع البترولية والبتروكيماويات والمعدنية، وما تمثله من أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي، ومن المتوقع ان تشهد المنطقة الشرقية المزيد من استقطاب المقرات الاقليمية للشركات العالمية في قطاعات مثل النفط والغاز والبتروكيماويات والصناعات الثقيلة من خلال وجودها على ساحل الخليج العربي الذي يمثل أحد أكبر شرايين الإمدادات البترولية في العالم.
وتتمتع السياسة الخارجية السعودية بالتوازن، وهو ما انعكس بدوره على تنوع جنسيات الشركات التي اختارت المملكة مقراً إقليميا لها. فالعلاقات السعودية القوية والراسخة والمستقرة مع مختلف الأقطاب العالمية انعكست بصورة كبيرة على تنوع الشركات العالمية التي استجابت للبرنامج واختارت المملكة العربية السعودية مركزا لها للانطلاق إقليمياً.
30% شركات عالمية في الخدمات المهنية
وتوضح بيانات وزارة الاستثمار أن الشركات العالمية المستقطبة حتى تاريخه توزعت على 15 قطاعا، يعمل 30% منها في قطاع الخدمات المهنية (الاستشارات وغيرها)، أي 170 شركة من أجمالي عدد الشركات. وحيث يشكل ذلك أهمية إستراتيجية في مرحلة التأسيس والبناء والتطور الذي يشهده الاقتصاد السعودي، تشهد المملكة العربية السعودية حراكاً بشكل متسارع في جاذبيتها لأفضل الكفاءات العالمية والاستشاريين العالمين للاستفادة من خبراتهم في المملكة و على مستوى المنطقة.
قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات يبرز
وفي المركز الثاني جاءت الشركات التي تعمل في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بنسبة 19%، أي بنحو 109 شركة عالمية. إذ يعد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات واحد من أبرز القطاعات التي تتميز بها المملكة العربية السعودية، محققة تصنيف عالمي متقدم جداً، أحد أمثلته يتمثل في منافستها على المراكز الـستة الأولى عالمياً في المعايير العالمية لسرعات خدمات الإنترنت.
ومؤخراً قفزت المملكة العربية السعودية 25 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية عام 2024، لتكون في مجموعة الدول الرائدة على مستوى العالم في هذا المجال. وحققت كذلك المركز الرابع عالمياً والأول إقليمياً والثاني على دول مجموعة العشرين في مؤشر الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى تحقيق المركز السابع في مؤشر المشاركة الإلكترونية. كما حققت مدينة الرياض المركز الثالث من بين 193 مدينة حول العالم
في هذا القطاع.
وبالتالي بات سوق الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي هدفاً رئيسياً للشركات العالمية العاملة في القطاع، وذلك في ظل تواجد بنية اتصالات تحتية قوية مكنت المملكة لاعتلاء مراتباً دولية متقدمة. والمستقبل واعد في ظل وتيرة التحول الرقمي الكبيرة والطموحات اللامحدودة للقيادة السعودية التي تستهدف في المقام الأول التحسين المستمر للخدمات المقدمة للشركات المحلية والعالمية وللمواطنين والمقيمين والزوار، وهو ما انعكس بصورة كبيرة على جاذبية المملكة لاستثمارات نوعية وكفاءات عالمية.
وفي المركز الثالث جاء قطاع الصحة بنسبة تصل إلى 17% من الشركات المستقطبة، بنحو 100 شركة، حيث يشهد القطاع الصحي في المملكة تطوراً كبيراً للخدمات المقدمة. وبات نظام التأمين الصحي السعودي نموذجا يقتدى به عالمياً خاصة بعد التطور المستمر الذي شهدته المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والتوسع الكبير للقطاع الخاص في هذا المجال، مما جعل الشركات العالمية تتسابق حالياً على العمل في السوق السعودي في قطاع الصحة وحيث بدأت بعض الشركات في افتتاح مصانع لتصنيع الاجهزة الطبية والمعدات الطبية والادوية في المملكة.
مميزات ومستهدفات البرنامج
يدعم التوجه الاستراتيجي للبرنامج توجهات الشركات العالمية في التوسع في استثماراتها في المنطقة من خلال تأسيس مقراتها الإقليمية في المملكة العربية السعودية، والجهود القائمة لتنفيذ واستكمال المراحل المختلفة للمشاريع الكبرى المطروحة، وكذلك جهود توطين التكنولوجيا.
كما يدعم هذا التوجه مستهدفات رؤية المملكة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل مساهمته إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ولرفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 388 مليار ريال سنوياً، الأمر الذي يعزز العديد من القطاعات كالسياحة والتجزئة والعقارات وإنشاء المدارس الدولية لأبناء الموظفين من المقيمين العاملين في الشركات العالمية.
الجدير بالذكر أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023م بلغت حوالي 2.4%، محققةً مستهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار لنفس العام، كما شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفاعاً بنسبة 50% في عام 2023م مقارنة بعام 2022م (بعد استبعاد صفقة أرامكو الاستثنائية والتي بلغت نحو 55 مليار ريال)، لتسجل 96 مليار ريال متجاوزةً مستهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار لنفس العام البالغ 83 مليار ريال بنسبة 16%.
وعلى جانب إجمالي تكوين رأس المال الثابت الإسمي فقد بلغ نحو 1,117 مليار ريال في عام 2023م، مسجلًا نموًا بنسبة 9%، مدفوعًا بنمو القطاع غير الحكومي (الخاص) بنسبة 10%، حيث يشكل القطاع الخاص 86% من إجمالي تكوين رأس المال الثابت. متجاوزاً مستهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار لعام 2023م بنسبة 32%.
كما يشمل الأثر الاقتصادي للتوجه الاستراتيجي للبرنامج ضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة سيتم ارتفاع نسبة تنفيذها أيضا على أرض المملكة، وبمحتوى محلي مناسب، مما يعزز التنافسية، ويحول المملكة إلى مركز أعمال عالمي ووجهة للكيانات الاقتصادية الدولية.
وسيسهم هذا التوجه في دعم توفير فرص لتبادل الخبرات ونقل المعرفة للكفاءات السعودية من خلال استقطاب أفضل الكفاءات والخبرات العالمية للعمل مع أبناء وبنات الوطن، واكتساب المزيد من المهارات والخبرات والتدريب ونقل المعرفة وتعزيز تنافسية خبرات ابناء وبنات الوطن على المستوى الاقليمي والعالمي والذي يدعم جاذبية البيئة الاستثمارية للمملكة على الصعيد الدولي.
ومن المتوقع بعد الإعلان عن فوز المملكة باستضافة معرض “إكسبو 2030″، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية في عام 2029م، ومؤخراً كأس العالم لكرة القدم 2034 رفع وتيرة استقطاب الشركات في المملكة التي ترحب بوجود المزيد من الشركات العالمية للمشاركة في تخطيط وتنفيذ هذه الفعاليات والمشروعات الضخمة في مختلف القطاعات. وستكون هناك فرصاً ضخمة للعقود والاستثمارات الواعدة، مما يخلق الآلاف من الفرص الاستثمارية وفرص العمل لأبناء وبنات الوطن.
وتتنوع فرص استقطاب الشركات العالمية في العديد من القطاعات، في مقدمتها قطاعات السياحة والترفيه والخدمات التنظيمية مثل الحجوزات والفعاليات، وأيضا الخدمات المهنية مثل الاستشارات والخدمات المالية وغيرها. بالإضافة إلى خدمات الانتقال والعمل مثل توفير المكاتب المؤقتة وأماكن الإقامة لطواقم العمل الأجنبية، وكذلك خدمات تيسير استقدام العمالة المنزلية والمقاولون وعمال الصيانة وغيرها من الفرص الاستثمارية الأخرى.
يذكر أن “البرنامج السعودي لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية” يقوم بالتنسيق مع العديد من الجهات الحكومية في المملكة العربية السعودية لتقديم مزايا وخدمات دعم متميزة وحوافز لتلك الشركات. منها حوافز ضريبية وحوافز لاستقطاب الكفاءات العالمية وخدمات أخرى تقدم عن طريق “برنامج ميزا” من قبل وزارة الاستثمار لاستقطاب المدراء التنفيذيين والكفاءات المتميزة للعمل في هذه المقار الإقليمية.
ويتم منح تلك الحوافز من تاريخ إصدار ترخيص المقر الإقليمي بهدف جذب وتقديم الدعم لتسريع إجراءات افتتاح الشركات العالمية لمقارها الإقليمية في المملكة العربية السعودية، وجعل المملكة هي الخيار الأول والأمثل لهذه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا